خاضت فصائل المعارضة السورية أمس معارك ضارية ضد تنظيم «داعش» في مدينة مارع، وسط استماتة واضحة منها في الدفاع عن آخر معاقلها في ريف حلب قرب الحدود مع تركيا. وفيما قال ناشطون إن المعارضين أحبطوا هجوماً عنيفاً ل «داعش» على هذه المدينة الاستراتيجية التي تُعتبر مفتاحاً للوصول إلى «البوابة التركية» وأوقعوا عشرات القتلى في مذبحة غير مسبوقة ل «الدواعش»، تحدث آخرون عن حرب شوارع تجري داخل المدينة، وعن مفاوضات تجري مع «وحدات حماية الشعب» الكردية كي تفتح طريقاً للمدنيين المحاصرين فيها للوصول إلى مناطق المعارضة عبر عفرين في ريف حلب الشمالي. وجاءت معركة مارع في وقت واصلت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة قصف مواقع «داعش» شمال مدينة الرقة، لدعم هجوم بدأته الثلثاء «قوات سورية الديموقراطية» التي يهمين عليها الأكراد. لكن المعارك تجري حالياً في مناطق زراعية تكاد تخلو من المدنيين، في وقت تتحدث تقارير عن لجوء «داعش» إلى حفر خنادق وتحصين مواقعه حول مدينة الرقة معقله في شمال سورية تحسباً لهجوم قد يستهدفها قريباً. وتحمل معركة مارع رمزية واضحة، إذ إن سقوطها في أيدي «داعش» يعني أن هذا التنظيم بات في موقع أقوى للتقدم نحو أعزاز، آخر مدينة مهمة ما زالت في أيدي فصائل المعارضة على الحدود التركية في ريف حلب الشمالي. كما أن سقوطها سيوجّه ضربة للحكومة التركية وللحلفاء الغربيين الذين كانوا يراهنون على قدرة المعارضين السوريين للوقوف في وجه «داعش» في مناطق الحدود السورية - التركية. وكان واضحاً أمس أن الأتراك لا يعتزمون السماح ل «داعش» بإنهاء وجود المعارضة هناك. وأكدت مصادر عسكرية أن طائرات تركية وأخرى تابعة للتحالف قتلت أكثر من 100 من عناصر «داعش» في غارات استهدفت مواقعهم في شمال سورية، على رغم إشارة أنقرة إلى أن هذه الغارات هي رد على سقوط صواريخ من مناطق التنظيم على كلس الحدودية التركية وليست لدعم المعارضة. ونشر معارضون أمس صوراً ومقاطع فيديو تُظهر تصدي فصائل من «الجيش الحر» (مثل «الفرقة 13») ل «داعش» في مارع. وأظهرت الصور جثثاً لأعداد كبيرة من القتلى الذين وُصفوا بأنهم من «داعش»، كما عُرضت أيضاً مقابلات مع أسرى من عناصر التنظيم بينهم شبان صغار وُصفوا بأنهم من «أشبال الخلافة» الذين زج بهم «داعش» في هجومه على مارع. وأفادت شبكة «الدرر الشامية» أن التنظيم فقد في معركة مارع ما لا يقل عن 60 من عناصره، في حين قدّمت مواقع معارضة أخرى حصيلة أقل بحدود 30 قتيلاً. في المقابل، لم يتحدث «داعش» عبر وسائل إعلامه عن شنّه هجوماً على مارع، واصفاً ما جرى بأنها مجرد «صولة» تمثّلت في تفجير أربعة انتحاريين عرباتهم المفخخة في مواقع المعارضة في مارع وتفجير خامس عربته برتل للمعارضين في منطقة قريبة، كما جاء في تقرير لوكالة «أعماق» التابعة للتنظيم. وبدا أن هجوم «داعش» على مارع أرغم فصائل المعارضة على فتح قناة اتصال مع القوات الكردية، عدوتها اللدودة، وذلك بهدف تأمين إجلاء المدنيين المحاصرين عبر منطقة عفرين الكردية ومنها نحو أعزاز المجاورة لمعبر باب السلامة حيث يتكدس عشرات آلاف النازحين قبالة الحدود التركية المغلقة منذ شهور. وتحدثت تقارير عن تقدم «وحدات حماية الشعب» الكردية بالفعل من مناطق سيطرتها في عفرين نحو قرية الشيخ عيسى التي تُعتبر بوابة مارع الغربية، من دون أن يتضح هل هذا التقدم جاء بالتنسيق مع الفصائل في مارع. وفي حالة هزيمة هذه الفصائل، ستكون القوات الكردية عندذاك في مواجهة مباشرة مع «داعش» الذي يتقدم إلى مارع من الشرق والشمال والجنوب، في حين يطوقها الأكراد من الغرب. وكان «داعش» شن فجر الجمعة هجوماً مفاجئاً في ريف حلب الشمالي، وسيطر على خمس قرى كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، ما أتاح له قطع طريق الإمداد الوحيدة التي تربط مارع بمدينة أعزاز، أكبر المعاقل المتبيقة للفصائل في محافظة حلب، وفق ما أشارت «فرانس برس». ومن بين القرى التي سيطر عليها التنظيم كلجبرين وكفر كلبين الواقعتين مباشرة على الطريق بين أعزاز ومارع. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه قُتل في الهجوم على كلجبرين وحدها منذ أول من أمس «68 شخصاً، بينهم 27 مدنياً و41 مقاتلاً من الفصائل»، فيما قتل 15 عنصراً من «داعش». وأوضح الناشط المعارض مدير وكالة «شهبا برس» المحلية للأنباء مأمون الخطيب المتحدر من مارع والموجود في أعزاز، ل «فرانس برس» أن «داعش» هاجم مارع من محاور عدة وتحديداً من الشرق والشمال، مستخدماً دبابات وعربات مفخخة. ولا يزال نحو 13500 مدني محاصرين داخل مارع بعد هجوم «داعش» فضلاً عن ستة آلاف آخرين في كلجبرين وكفر كلبين، وفق بيان لمكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية. ونجحت حوالى «4600 عائلة»، وفق مكتب اللامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، من الفرار من هجوم «داعش» وتقدمه في القرى المحيطة بمارع وتمكنت من الوصول الى اعزاز والمنطقة الحدودية مع تركيا.