في اتصالها الاخير بأهلها في السابعة صباحاً قالت ديلارا دارابي: «ماما! رجل المشنقة يقف الى جانبي. سيشنقونني. أرجوكِ أنقذيني». وأخذ الرجل سماعة الهاتف من دارابي، وزجر والديها قائلاً قبل أن يقطع الخط: «سنشنق ابنتكم، ولا يسعكم أن تفعلوا شيئاً». فسارع والدا ديلارا الى السجن، وهما ينتحبان سائلين الحارس أن يسمح لهما بالدخول لرؤية ابنتهما، ابنة ال22 ربيعاً. خرجت سيارة إسعاف من السجن حاملة جثة ديلارا. ووزع محام من محامي ديلارا رسالة على منظمات حقوق الانسان يقول فيها: «أخذوا ديلارا الى المشنقة، ولم يسمحوا لأحد بمرافقتها... وضعوا الحبل حول رقبتها الرقيقة وسحبوا الكرسي من تحت رجليها». واتهمت ديلارا، أو سجينة الالوان على ما عرفت في السجن لأنها امضت وقتها بالرسم في انتظار شنقها، بقتل قريب والدها الثري في أيلول (سبتمبر) 2003 يوم كانت في السابعة عشرة من العمر. وهي اعترفت بارتكاب الجريمة في أوائل التحقيق، ثم رجعت في اعترافها، وقالت إن صديقها أمير حسين طلب منها الاعتراف بما لم تفعله. فحسين قتل قريبها الثري ليحصل على ماله، وطلب منها التستر عليه لينجو. فهي قاصر، ولن يحكم عليها بالاعدام، على ما زعم. فوافقت الشابة، وحمت صديقها الذي حكم عليه بالسجن 10 أعوام. وحكم عليها بالموت شنقاً. وأخذ خبر إعدام ديلارا اهلها ومنظمات حقوق الإنسان على حين غرّة. ولم يبلغ محاموها بقرار تنفيذ حكم الشنق قبل 48 ساعة، على ما ينص القانون الايراني. وقبل يوم من شنقها، أبلغت ديلارا والديها أن الحكم سيستأنف، ولكنها شنّقت في اليوم التالي. وغداة انتشار خبر الشنق السريّ، استهجنت منظمات حقوق الإنسان الايرانية والاجنبية القرار. ورأى بعضها أن القضاء الاعلى الايراني لا يملك سلطة على القضاة، وأن القرار ينتهك حقوق الانسان الدولية. ويبدو أن السلطات الايرانية نفذت الحكم بالشنق على ديلارا في السر لتفادي الاحتجاجات المحلية والدولية. وتحتل ايران المرتبة الاولى عالمياً في اعدام القاصرين والقاصرات. وثلثا أحكام القتل في العالم صدرت بإيران، في الاعوام الاربعة الاخيرة. وشنق ديلارا دارابي هو الثاني هذا العام. وينتظر 130 قاصراً حبل المشنقة بإيران. وقبل موتها، كتبت ديلارا لرئيس جمعية «ستوب شايلد ايكزيكوشن» (وقف اعدام الاطفال) تقول: «أنا عالقة في السجون وأحتاج الى ناشطين مدافعين عن حقوق الانسان والانسانية». وفي لوحاتها خطت ديلارا بالفحم معالم وجوه يبدو عليها القلق والعذاب والألم. ورسمت سجينات محجبات بحجاب أبيض، ولطخت قماش غطاء الرأس الابيض ببقع حمراء مزعجة. وعرض المدافعون عن ديلارا لوحاتها بطهران. وأرفقت الشابة القتيلة لوحاتها برسالة تقول فيها: «احاول الدفاع عن نفسي متوسلة الأشكال والالوان والكلمات... لوحاتي في مثابة قسم بأني لم أقتل أحداً... من وراء القضبان والجدران أحييكم يا زوار لوحاتي». ويروي محام ناشط في حركة حقوق الانسان ان ديلارا أهدته لوحة يعزف فيها رجل مسن على الكمان. ولم يدرك يومها أن الرجل يعزف لحن موتها. صحافية، عن «اندبندنت» البريطانية، 4/5/2009، اعداد منال نحاس