بدأ رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس، زيارة تتسم بالحساسية لإسرائيل ثم إلى الأراضي الفلسطينية سيدافع خلالها عن المبادرة الفرنسية لإحياء عملية السلام التي تلقاها نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بفتور. وبدأ فالس أمس زيارته بتل ابيب، مركّزاً على العلاقات الاقتصادية والثقافية بين فرنسا وإسرائيل. ودشن محطة للطاقة الشمسية بنتها مجموعة كهرباء فرنسا، والتقى شركات فرنسية صغيرة تتمركز في هذه المدينة، كما شارك في مأدبة تحت رعاية غرفة التجارة الفرنسية - الإسرائيلية. وقبل تقليده وساماً وإلقائه خطاباً في جامعة تل أبيب أمس، زار فالس ضريح رئيس الوزراء السابق إسحق رابين، مهندس اتفاقات أوسلو الذي اغتيل عام 1995. وشارك مساءً في برنامج على شبكتي التلفزيون الإسرائيلية «اي 24» والفرنسية «بي اف ام تي في» نظم مع وسائل إعلام أخرى يملكها الملياردير الفرنسي الإسرائيلي باتريك دراهي. وترمي زيارة فالس إلى إنقاذ فرص مبادرة فرنسية لتحريك عملية السلام التي لم يظهر نتانياهو أي تجاوب معها. ومن المقرر أن يلتقي نتانياهو ظهر اليوم في القدس بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الذي شكك أمامه نتانياهو في «حياد فرنسا» إزاء مبادرة السلام بسبب تأييد باريس قراراً ل «منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم» (يونيسكو). وفي مقابلة مع صحيفة «الأيام» الفلسطينية المحلية نشرت أمس، أكد فالس مجدداً أن فرنسا تسعى إلى عقد مؤتمر دولي، موضحاً أن «ما يجب فعله الآن، هو إقناع الجميع، خصوصاً الإسرائيليين، بأنّ هذه الديناميّة تصب في صالح الجميع، وفي صالح السلام، وفي صالح الأمن». وأقر أن «الطريق ضيق وعمل السلام ليس بالشيء السهل». وسعياً منه إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية، نأى فالس بنفسه من تهديد باريس في كانون الثاني (يناير) الماضي بالاعتراف بدولة فلسطين في حال فشل مبادرتها لإعادة إحياء جهود السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأكد للصحيفة أن «الهدف هو التوصل إلى إقامة دولة فلسطينية، ليساهم في بلورة تطلّعكم الوطني. وأن نقول اليوم متى سنعترف بدولة فلسطينية هو بمثابة إقرار مسبق بفشل مبادرتنا». وتحدث عن أخطار اندلاع تصعيد جديد، مؤكداً أهمية المبادرة الفرنسية، وقال: «مع مرور الوقت، تصطدم ديمومة الدولة الفلسطينية في شكل أكبر بتقدم الاستيطان. ولهذا السبب هناك ضرورة ملحة للتحرك». وأكد فالس أمس للصحافيين أن «المصارحة واجبة بين بلدين صديقين». وكان أكد في المقابلة أن «وقف الاستيطان هو أمر واجب، إذ لا يمكننا في الوقت ذاته أن نناقش السلام ونكون صادقين في المفاوضات ونستمر في الوقت نفسه بممارسة سياسة الأمر الواقع على الارض». وأكد أنه «صديق لإسرائيل»، ولهذا يستطيع القول «نعم، ينبغي وقف الاستيطان». وأعلنت فرنسا أنها ستستضيف في الثالث من حزيران (يونيو) اجتماعاً دولياً في شأن عملية السلام بحضور الدول الكبرى، وغياب الإسرائيليين والفلسطينيين، ويحضره وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ووفق باريس، فإن الهدف هو التمهيد لعقد مؤتمر في الخريف يشارك فيه الطرفان. وبمبادرة من فرنسا، سيشارك في المؤتمر المقبل نحو عشرين دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة. وفي حال نجاحه، سيسفر المؤتمر عن قمة دولية في النصف الثاني من عام 2016 بحضور القادة الإسرائيليين والفلسطينيين هذه المرة. وسعى فالس إلى تبديد مخاوف إسرائيل، مؤكداً: «لن نقوم بأي حال بفرض أمر ما، أو نحل محل هذا أو ذاك لأن الإسرائيليين والفلسطينيين هم من ينبغي عليهم التفاوض في شأن السلام الذي يرغبونه. لكننا هنا من أجل المساعدة، ومن أجل تسهيل الأمور». وتستدعي التغييرات الأخيرة في السياسة الداخلية الإسرائيلية مزيداً من الحذر، إذ يزور فالس إسرائيل في الوقت الذي سينضم فيه المتطرف افيغدور ليبرمان، الشخصية المكروهة لدى الفلسطينيين، إلى حكومة نتانياهو كوزير للدفاع. ومع انضمام ليبرمان الذي اتهم أخيراً الحكومة الإسرائيلية بعدم الحزم في مواجهة أعمال العنف الأخيرة مع الفلسطينيين ودعا إلى مزيد من الاستيطان، فإن الحكومة الإسرائيلية ستصبح الاكثر يمينية وتشدداً في تاريخ إسرائيل، وفق مراقبين.