أسفرت سلسلة تفجيرات يشتبه بوقوف تنظيم «داعش» خلفها عن مقتل ثمانية أشخاص في شمال شرقي سورية بعد ساعات على زيارة قام بها ضابط أميركي رفيع إلى شمال شرقي سورية قرب الحدود التركية في إطار استعدادات لفتح معركة لطرد «داعش» من الرقة. وفجر انتحاريان نفسيهما مساء السبت في حي الوسطى ذي الغالبية المسيحية في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة. وقال مصدر أمني من قوات «سوتورو» المسيحية الموالية للنظام السوري إن الهجوم أسفر عن «مقتل ثلاثة مواطنين مسيحيين وإصابة 15 آخرين». وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» حصيلة القتلى، مشيراً إلى وقوع اشتباكات بين عنصري التنظيم وقوات «سوتورو» قبل وقوع التفجيرين. وأفادت وكالة «أعماق» المرتبطة بتنظيم «داعش»، بأن «انغماسيين يهاجمون الوحدات الكردية وميليشيات السوتورو في حي الوسطى في مدينة القامشلي»، من دون أن تؤكد مسؤولية التنظيم المتطرف. ويتقاسم الأكراد وقوات النظام السيطرة على مدينة القامشلي منذ العام 2012 حين انسحبت قوات النظام تدريجا من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظة بمقار حكومية وإدارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي. وفي وقت سابق من السبت، انفجرت سيارتان مفخختان عند نقطة تفتيش تابعة لقوات الأمن الكردية (أساييش) في منطقة العالية قرب مدينة تل تمر في محافظة الحسكة، والتي تبعد نحو 40 كيلومتراً من الحدود مع تركيا. وأكد النطاق باسم قوات «أساييش» عبدالله سعدون: «كان لدينا علم مسبق بتحضيرات لدخول السيارتين»، مشيراً إلى سقوط «خمسة شهداء من قواتنا نتيجة انفجار السيارتين». وأثبت المقاتلون الأكراد أنهم الأكثر فعالية في قتال تنظيم «داعش» ونجحوا في طرده من مناطق عدة في شمال وشمال شرقي سورية. ويدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن المقاتلين الأكراد، وقد أرسلت الولاياتالمتحدة خلال الفترة الماضية جنوداً من القوات الخاصة إلى سورية لتقديم الدعم والاستشارة لهم خلال معاركهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وفي إطار دعم واشنطن المتواصل للأكراد، زار قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوي فوتيل السبت مناطق سيطرتهم في شمال شرقي سورية، حيث التقى عناصر من القوات الخاصة الأميركية ومن «قوات سورية الديموقراطية»، وهي عبارة عن تحالف فصائل عربية وكردية على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية. ولم تكشف القيادة المركزية الأميركية تفاصيل عن المكان الذي زاره فوتيل، مكتفية بالقول إنه التقى القوات الخاصة المنتشرة في شمال شرقي سورية. وقال بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في تغريدة على «تويتر»، إن فوتيل زار سورية السبت «للتحضير للهجوم على الرقة»، معقل التنظيم المتطرف في البلاد. ودور هذه القوات التي تضم بضع مئات من الجنود على الأكثر، هو مساعدة المجموعات المحلية، وخصوصاً «قوات سورية الديموقراطية»، تنظيم صفوفها للإعداد للهجوم على الرقة. وبدأ الجنود ال250 الإضافيين الذين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إرسالهم في 25 نيسان (أبريل) في الوصول. والجنرال فوتيل هو ضابط في القوات الخاصة وكان يتولى حتى مطلع 2016 قيادة مجمل القوات الخاصة الأميركية. وهو أعلى مسؤول أميركي يتوجه إلى سورية منذ بدء النزاع. من جهته، قال «المرصد» في تقرير: «لا تزال التساؤلات والغموض يكتنف مدى تمكن تنظيم «داعش» من الحصول على معلومات حول زيارة قائد القيادة الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل لريف الحسكة الشمالي الغربي، حيث توجهت عربتان مفخختان يقودهما عنصران من تنظيم «داعش» وفجرا نفسيهما قرب حاجز لقوات الأمن الداخلي الكردي في منطقة عالية الواقعة في ريف تل تمر في شمالي غرب محافظة الحسكة، ما تسبب في قتل 5 عناصر من قوات الأسايش وسقوط عدد آخر من الجرحى». وقال إن التفجيرين حصلا «تزامناً مع اجتماع على بعد عشرات الكيلومترات من منطقة التفجير، جمع الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، بقوات سورية الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي عمادها، وممثلين عن فصائل عربية وتركمانية من أبناء المنطقة، بالإضافة لفصائل من محافظة الرقة، حيث جرى الاتفاق على التحضير لعمليات عسكرية واسعة بغطاء من قوات التحالف الدولي لطرد التنظيم من مناطق سيطرته في سورية وتحرير سورية من الإرهاب». وسبق اجتماع الجنرال فوتيل في الريف الشمال الغربي للحسكة، اجتماع له في منطقة عين العرب (كوباني) بفصائل ممثلة لمنبج وجرابلس ومناطق ريف حلب الشمالي الشرقي، وجرى البحث في التطورات التي ستتم في المنطقة وآليات التحضير لعملية عسكرية جديدة ضد تنظيم «داعش»، حيث تنقل القيادي إلى محافظة الحسكة بوساطة طائرات مروحية. وأشار «المرصد» إلى أن الاجتماع بين «قوات سورية الديمقراطية والجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة الأميركية في الشرق الأوسط أعقبه طلعة جوية لبعض القادة بالطائرات المروحية في سماء المنطقة ومناطق سيطرة قوات النظام في محافظة الحسكة، من دون أن تحرك قوات النظام ساكناً تجاه هذا التحليق». إلى ذلك، قال «المرصد» إن «اشتباكات عنيفة دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى في محيط دوار البانوراما جنوب مدينة دير الزور، وأحياء الحويقة والموظفين والطحطوح في مدينة دير الزور، ترافقت مع تنفيذ طائرات حربية غارات على مناطق الاشتباك، ومناطق أخرى في أطراف منطقة البغيلية»، لافتاً إلى ان القوات التركية «فتحت نيران قناصتها على مناطق في ريف مدينة تل ابيض (كري سبي) الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي في ريف الرقة الشمالي، ما أدى إلى إصابة مواطن بجروح».