"مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    ثمار الاستدامة المالية    113% نمو بتوثيق عقود الشركات    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    الأخضر في مهمة عبور البحرين    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    اليوم.. منتدى المدينة المنورة يستعرض فرصاً تتجاوز 57 مليار ريال    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    سفارة السعودية بواشنطن تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    جيسوس يستعيد مستواه في وقت مثالي لأرسنال ليعوض ساكا المصاب    النصر يُعلن عن تفاصيل إصابة عبدالله الخيبري    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    ضبط (20159) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المملكة تدين حادثة الدهس في مدينة ماغديبورغ الألمانية    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    لمحات من حروب الإسلام    الإستثمار في الفرد والمجتمع والوطن    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    طريقة عمل شوربة البصل الفرنسية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يجري عملية متقدمة بالروبوت الجراحي وينقذ عشرينية من استئصال الرحم    حرس الحدود بعسير ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهم البحرية في في عرض البحر    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    القبض على شخص في الرياض لترويجه المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    تأجيل اختبارات منتصف الفصل الثاني للأسبوع القادم    محمد آل فلان في ذمة الله    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    أمطار خفيفة على جازان وعسير والباحة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صفقة» بين النظام السوري و «داعش» وتفاهمات حول التهريب
نشر في الحياة يوم 22 - 05 - 2016

لا تخرج أخبار السويداء للإعلام كثيراً، ولا يعود ذلك لهدوء يعمها، أو لاتخاذها لوناً واحداً وموقفاً واحداً مما يجري في سورية منذ بداية ثورتها قبل خمس سنين، ولكن يمكن تفسير بعدها عن الإعلام بصعوبة العمل الفردي الإعلامي بسبب سيطرة المشايخ الذين لا يزالون يحتفظون في كثير من الأحيان باليد العليا لجهة تحريك الشارع وتوجيهه، ولاحتلال المحافظة من قبل «داعش» والنظام.
وتسربت لصحيفة «الحياة» من مصدر داخل السويداء معلومات عن قيام النظام السوري قبل أيام بالتواصل مع وجهاء قرية «القصر» و «تل صعد» وهم من عشائر (المزاودة - السحيمان - الزريق - سويعان) حيث عُرضت عليهم العودة الى منازلهم مقابل خروج مقاتلي تنظيم «داعش» من القريتين.
وقبل الدخول في تفاصيل العرض الذي تقدم به النظام، لا بد من الإشارة إلى أن تنظيم «داعش» يسيطر على عدد من القرى التي تقطنها عشائر البدو شمال شرقي محافظة السويداء وهي (القصر - تل صعد - رجم الدولة - صيرة عليا - الساقية - شنوان - الأصفر - المفطرة - رجم البقر - أشيهب الشمالي - أشيهب الجنوبي) حيث تتبع هذه القرى أدارياً لمدينة شهبا.
وتضمن العرض الذي تقدم به النظام، شروطاً عدة، تبدأ برفع علمه فوق مدرسة «القصر الابتدائية»، من دون دخول قوات «جيش النظام» الى هذه المنطقة، ومن دون تثبيت نقاط عسكرية داخلها، ولن يقوم النظام بعمل الحكومة هناك، وإنما سيتم تشكيل لجان محلية من الأهالي تتكفل بالمسؤوليات الأمنية في القريتين.
وفد وجهاء
وعلمنا من مصدرنا أن بعض الوجهاء قاموا بالذهاب إلى المحكمة الشرعية التابعة لتنظيم «داعش» في قرية «أشيهب الجنوبي»، وعرضوا بنود المصالحة على أمير قاطع «بير قصب» المدعو «أبو عبادة التونسي» الذي وافق على شروط النظام بإخلاء قرية «القصر»، لكنه رفض إخلاء مقاتلي التنظيم لقرية «تل صعد»، بل قام بتعزيز قواته في هذه القرية بمدفع «130 ملم» وقام ببناء عدد من التحصينات أمام أعين قوات «النظام» المتواجدة على بعد 5 كيلومترات من القرية.
ولا تزال المفاوضات جارية بين الوجهاء والنظام، ولكنها تعقدت قليلاً بعد رفض التنظيم إخلاء تل صعد.
وإن تمت هذه الصفقة بين النظام و «داعش» فهي لن تكون الأولى من حيث التعاون بين الاثنين في المنطقة، ففي حزيران (يونيو) العام الماضي كشف شباب من بلدة القريا عن عملية تهريب ما بين النظام و «داعش»، عندما اعترضوا أكثر من 10 سيارات تقوم بتهريب المازوت إلى تنظيم «داعش»، وبعد التحقيق معهم تبين أن غالبيتهم يتبعون لمرجعيات أمنية وعسكرية، وقالت نتائج التحقيق الذي قام به أهل القرية حينها، بأن السيارات تتبع للأمن الجوي ولميليشيا أحد الأحزاب، وتم الكشف حينها عن أسماء شخصيات نافذة في المحافظة تقوم بتسهيل أعمالهم في تهريب المازوت ل «داعش».
وكانت المسؤولة الإعلامية للرئاسة السورية لونا الشبل هددت شباب السويداء ب «داعش» في مطلع العام الماضي 2015، عندما قالت لهم خلال اجتماعها معهم «إذا لم تنضموا للجيش فداعش ليس بعيداً، وهو قادر على أن يصلكم خلال ساعات». وهو ما حصل فعلاً.
ويستبعد «أبو جود» الناشط من السويداء حدوث أي مواجهات بين النظام و «داعش» على رغم أن «مواقع ما يسمى «داعش» بأطراف السويداء واضحة وثابتة في قرية القصر شمال شرقي السويداء، ومع ذلك لا تطلق أية طلقة باتجاههم من جهة النظام».
ووفق المصدر من داخل السويداء فإن النظام قام منذ أيام بتعزيز قواته في تل «ضلفع» خط الدفاع الأول عن مطار خلخلة العسكري شمال المحافظة الذي هاجمه التنظيم قبل نحو 10 أيام، لكنه لم يتمكن من السيطرة عليه حيث دارت معارك هي الأعنف في هذه المنطقة بين «داعش» والنظام، أسفرت عن عدد من القتلى في صفوف الطرفين ليقوم «جيش النظام» بتعزيز قواته بتل «ضلفع» ومطار خلخلة بمئات المقاتلين من الفرقة 15 الموجودة في السويداء.
بينما تدور منذ أيام عدة معارك عنيفة في منطقة «الوعر الغربي» شمال شرقي «بير قصب» وفي بعض مناطق «البادية الشامية» بين تنظيم داعش وفصائل «الجيش السوري الحر» الموجودة في «القلمون الشرقي» في محاولة من الأخير لطرد التنظيم من المنطقة.
ويرجح المصدر أن تتم المصالحة من دون إخلاء التنظيم لتل صعد، لتشمل التسوية قرية القصر فقط، التي وافق التنظيم على إخلائها، إذ بالنسبة الى دروز السويداء والقرى التي يقطنها عشائر البدو، لا تزال الخلافات في نطاق يمكن السيطرة عليه.
ويشير المصدر إلى قيام النظام و «داعش» بحشد مقاتليه في المنطقة، حيث جلب «داعش» مدفعاً ميدانياً 130 ملم الى قرية تل صعد، وبنى المتاريس لتعزيز تحصيناته في هذه القرية، في المقابل قامت قوات النظام بحشد المئات من مقاتليها باتجاه مطار خلخلة العسكري وتل ضلفع شمال المحافظة الذي شهد هجوماً عنيفاً من قبل عناصر تنظيم الدولة منذ عشرة أيام باء بالفشل حيث حدثت معارك عنيفة لم يستطع التنظيم من خلالها السيطرة على تل ضلفع أحد أهم نقاط قوات النظام شمال محافظة السويداء كونه خط الدفاع عن مطار خلخلة العسكري.
«داعش» السويداء... عشائر بدو
يقول «أبو جود» أن «داعش» في السويداء هو عبارة عن قبائل البدو الموجودة في المنطقة وقد بايعت «داعش»، وميليشيات النظام هي التي تسهل التهريب الى درعا.
ويشاركه «سمير» الرأي مؤكداً أن المناطق التي يسيطر عليها التنظيم شمال شرقي محافظة السويداء تقطنها عشائر البدو ولا تواجد فيها لأبناء الطائفة الدرزية، وربما يعود سبب مبايعتهم «داعش» تخوف أبناء هذه العشائر من النظام، بخاصة أن الجيش الحر كان يسيطر على قراهم قبل دخول التنظيم اليها، أما من لم يرغب أن يبايع التنظيم فقد هرب باتجاه درعا او مناطق أكثر أمناً في بادية السويداء.
ولاءات مختلفة واتجاهات متعاكسة
ينقسم النسيج الاجتماعي في السويداء إلى قسمين، موالٍ للنظام وآخر معارض له، ويتقاسم المشايخ الدروز الولاءات ويوزعونها وفق توجهاتهم، ما يترك عدداً كبيراً من الشباب في السويداء في زاوية بعيدة من المشايخ، يحتفظون بآراءهم ضد النظام.
وينقسم رجال الدين في محافظة السويداء الى قسم موالٍ للنظام وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري والشيخ يوسف جربوع ولهم ارتباطات قوية برئيس فرع الأمن العسكري العميد وفيق ناصر، ولدى مشايخ العقل ميليشيا يتجاوز عددها 1200 عنصر بينهم رجال دين وشبان مدنين بقيادة الشيخ نزيه جربوع أخ الشيخ يوسف جربوع شيخ العقل. والشيخ حمود الحناوي شيخ العقل الثالث هو في الوسط بين المعارضة والنظام ويقوم بأعمال الصلح بين درعا والسويداء وكان قريباً من مشايخ الكرامة، او صلة وصل بينهم وبين النظام. وثمة مشايخ آخرون أغلبهم مع النظام، وتعد ميليشيا الحزب القومي السوري أكثر المنظمات الحزبية العسكرية تنظيماً وتسليحاً، بينما كتائب البعث قليلة العدد ولا يظهر لها اي دور، والدفاع الوطني يمارس التشليح والتهريب والسرقات.
أما القسم الثاني ووفق «سمير»، فهو القسم المعارض للنظام ولسياساته القمعية بحق أبناء السويداء ويرفض رفضاً قاطعاً قتال أبناء السويداء في صفوف قوات النظام، وهم حركة «رجال الكرامة»، لكنهم ليسوا موالين لفصائل المعارضة المسلحة كما يزعم البعض، حيث كان أول بروز لرجال الكرامة في الشهر الثامن من عام 2014 حين احتل تنظيم «جبهة النصرة» قرية «دير داما» غرب محافظة السويداء لتحدث آنذاك معركة ضارية بين تنظيم «جبهة النصرة» وحركة رجال الكرامة بقيادة الشيخ وحيد البلعوس، وتمكن رجال الكرامة خلال هذه المعارك من استعادة قرية «دير داما» وفك أسر المدنيين الذين أسرهم تنظيم الجبهة في القرية، بعد هذه المعركة اتهم رجال الكرامة النظام السوري بالخيانة ومساعدة تنظيم الجبهة في تلك المعركة في شكل غير مباشر، من طريق استهداف تجمعات رجال الكرامة بحجة خطأ في الإحداثيات، ليحدث بعدها عدد من المواجهات بين حركة رجال الكرامة وقوات النظام كان أبرزها في 4/9/2015 حيث قامت قوات النظام بتفجير موكب الشيخ وحيد البلعوس قائد الحركة وعدد من مرافقيه ما أدى لإندلاع معارك عنيفة داخل مدينة السويداء، أدت الى أسقاط الرمز الأكبر للنظام في السويداء تمثال حافظ الأسد وتمكن رجال الكرامة والمناصرون لهم من إقتحام فرع الشرطة العسكرية والأمن الجنائي وتحرير المعتقلين في ليلة واحدة، ليعود الهدوء الى المدينة بعد ايام عدة، حيث قام رجال الكرامة بانسحاب مفاجئ من المدينة لا يُعلم سببه، وعادت الأجهزة الأمنية الى عملها.
ولا تزال حركة رجال الكرامة قائمة حتى الآن بقيادة الشيخ رأفت البلعوس شقيق الشيخ وحيد، وقد أصدر بياناً عند استلامه قيادة الحركة اتهم فيها مخابرات النظام بالتفجيرات التي حدثت في السويداء وأدت الى مصرع البلعوس ورفاقه، وأكد الإلتزام بمبادئ الحركة في الدفاع عن السويداء ضد أي معتدٍ وإلغاء الخدمة العسكرية الأجبارية في محافظة السويداء إلا من أراد ذلك.
وأصدر النظام بعد تلك الأحداث في شهر كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، قراراً بفصل 54 موظفاً من أبناء محافظة السويداء في القطاع العام، من وظائفهم، وذلك لرفضهم الالتحاق بالخدمة الاحتياطية.
معارضة أم نظام؟
يقول «أبو جود» إن التوجه العام لأهل السويداء مع المعارضة وليس مع النظام لكن نتيجة الظروف الاقتصادية لا يظهر صوت الأكثرية، إضافة إلى تواجد النظام وبقوة وتسلط الأمن ووجود أزلامهم يوحي بأن محافظة السويداء مع النظام.
ويتفق سمير معه في عدد من النقاط ولكنه اختلف في ما يخص احتساب الكثيرين لجهة المعارضة، فقال إنه «لا يوجد كفة راجحة في التوجه الاجتماعي العام فالإنقسام بين مؤيد للنظام وقواته ومعارض لهم ومحايد واضح جداً لكن القسم الأكبر من المجتمع في السويداء اختار الحياد، والحياد هنا يأتي رغم معرفتهم وفهمهم لإجرام النظام وفساده، ولكن تفضيلهم للصمت يأتي كمحاولة لتجنب التدمير والتهجير.
ولكن مع التظاهرات التي فاجأت النظام قبل انتخابات مجلس الشعب الشهر الماضي والتي خرجت في أحد أحياء السويداء، تنديداً بفساد حكومة نظام الأسد في المحافظة، فيبدو أن البعض في المدينة بدأوا بالتعبير صراحة عن ضيقهم بالفساد وعدم قدرتهم على الصمت.
ويشير نشطاء من السويداء إلى أن تواجد أجهزة الأمن السورية في السويداء حالياً، يكاد يكون ظاهرياً فقط، مع عدم قدرتها على اعتقال أي شخص تخوفاً من رد فعل أهله، على رغم تسجيل بعض حالات الإعتقال على طريق دمشق السويداء لناشطين سياسيين أو مطلوبين للخدمة الإلزامية.
* كاتبة سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.