إن وجود المملكة ضمن أهم عشرين دولة ذات وزن اقتصادي يعد مفخرة للأمتين العربية والإسلامية، فهو اعتراف من الدول العظمى بالدور الريادي والوزن الاقتصادي للمملكة، ويعكس كذلك، الحضور العالمي للمملكة العربية السعودية. كما أنه من ناحية أخرى يضع المملكة في موضع قيادي ومؤثر، يتطلب ان تكون بلادنا بقيادتها الحكيمة، بمستوى الثقة التي حملت إياها، وبذات الوزن الذي أُعطي لها. لذا، ينبغي أن يكون لها الدور المؤثر نفسه والفاعل في العالميين العربي والإسلامي، في القضايا المصيرية، فلا تكون في آخر الركب، بل يجب أن تكون في مركز القيادة. المسألة الأخرى، هي ماذا ينبغي على السعودية إنجازه ضمن منظومة الدول العشرين؟ لو نظرنا إلى واقع الدول المشاركة، لوجدنا أن السعودية تنوب عن العالمين العربي والإسلامي، بل وعن الكثير من الدول النامية في هذا النادي المؤثر. من هنا، فالشعوب في جميع تلك الدول، تنظر، وتنتظر من المملكة ممارسة ضغوط على الدول الكبرى، لمنعها من ممارسة الظلم والعدوان، أو دعم الأنظمة المتسلطة، التي تتسبب في مشكلات الفقر والتخلف والحروب. الدول العشرون كثيراً ما تفكّر في دعم اقتصادات الدول الفقيرة وزيادة المساعدات الدولية للمجتمعات الأقل نمواً، لكن أغلب هذه السياسات، كثيراً ما تؤدي إلى زيادة نسبة الفقر، لأن المساعدات تصرف في ممارسات فاسدة للأنظمة القمعية والمتسلطة، مما يعني زيادة التخلف والظلم الاجتماعي. إن كون المملكة من أهم المانحين والداعمين للدول الفقيرة، والمساهمين في مساعدة ضحايا الكوارث، يترتب عليها إلتزام أدبي وأخلاقي، بان تشترط، قبل الموافقة على الدعم، أن يقرن ذلك بإصلاح المنظومة المالية والسياسية لتلك الدول. من جانب آخر، فكون المملكة تعدّ القوة الروحية لأكثر من بليون مسلم، إضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي وقوتها الاقتصادية، يتوقع منها استثمار تلك العناصر المهمة، في التأثير على صياغة قرارات الدول العشرين. على سبيل المثال لا الحصر، تركيا استغلت موقعها جغرافياً وسياسياً حتى تحولت من دولة هامشية إلى دولة مؤثرة في الأحداث، وأصبحت محل احترام وتقدير العالم أجمع، لانتهاجها خطاً وسطياً، ومتسامحاً في علاقاتها الداخلية والخارجية. من هنا فالكثير من مواطني الدول العربية والإسلامية، يتوقعون الدور المؤثر ذاته من المملكة، خصوصاً وأن تلك الشعوب بل العالم أجمع يقدّر الدور الإنساني الذي تلعبه المملكة في النكبات والأزمات. هنالك ملحظ آخر، وهو أن معظم دول العالم، بدأت تحترم من يدافع عن الحق وينبذ الظلم والعدوان، والمملكة لها دور كبير في مساعدة الكثير من الشعوب العربية والإسلامية، ولكن ذلك لم يستثمر بشكل كامل ويحتاج إلى إعادة نظر. المملكة ينبغي أن تكون الأم الحنون للكثير من الشعوب العربية والإسلامية، فخلاف الأخوة في فلسطين قد يجعل المملكة أكثر قبولاً من غيرهم، وهذا بالطبع يستوجب الحيادية والتفكير في مصالح الشعوب، وتقديمها على مصالح الخصوم السياسيين. صحيح أن الرياض بادرت إلى جمع الفرقاء الفلسطينيين في مكةالمكرمة، وأنهم (فتح وحماس) نقضوا العهد قبل أن يجف حبره، لكنا– نحن الشعوب- نتطلع لأن تعاود المملكة دورها في لمّ الشمل الفلسطيني. إن تخلي المملكة عن دورها القيادي والمؤثر، والاكتفاء بركوب القطار، وترك القيادة والتأثير لأصحاب المصالح والأيدلوجيات والشعارات، يؤدي إلى تسليم قضايا الأمة لقوى انتهازية تتاجر بالشعارات، ويدفع المنطقة إلى كوارث وأزمات لا يسلم منها أحد، وقد ينطبق علينا المثل المشهور: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض).