انشغلت الساحة الحزبية والإعلامية في إسرائيل باستقالة وزير الدفاع موشيه يعالون أمس من منصبه الوزاري وعضويته في الكنيست احتجاجاً على نية رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تعيين زعيم «إسرائيل بيتنا» المتطرف أفيغدور ليبرمان محلّه لتوسيع حكومته. وفجّر يعالون مفاجأة عندما أعلن أن استقالته لا تعني اعتزاله الحياة السياسية والعامة إنما خروجه ل «وقت مستقطع» وخلوده للراحة لبعض الوقت «لأعود وأنافس على قيادة الدولة». وبعد ساعات من استقالة يعالون، أصدر نتانياهو بياناً على شريط فيديو رد فيه على انتقادات يعالون، وقال إنه عرض المنصب الديبلوماسي الأرفع على يعالون، لكنه رفض. وأوضح: «التغيير في الحقائب الوزارية لم يكن نتيجة أزمة ثقة بيننا، بل نتيجة الحاجة لتوسيع الحكومة حتى نحقق الاستقرار لإسرائيل في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها». وأضاف: «أعتقد أنه لو لم يُطلب منه مغادرة وزارة الدفاع والانتقال إلى الخارجية لما تطور ما يصفه بأنه أزمة ثقة بيننا، ولما استقال». (راجع ص4) وأحدثت الاستقالة المفاجئة هزّة في الساحة السياسية، ونجح يعالون في حصر دوافعها بالصراع على القيَم مع رئيس الحكومة، وبأنه فقد الثقة فيه حيال اتساع الخلافات بينهما أخيراً، مضيفاً أنه «لن يُضحي بأمن إسرائيل لاعتبارات سياسية»، وأنه لن يقبل بتغلغل التطرف والعنصرية داخل الجيش. وحذّر في الوقت نفسه من نفوذ جهات متطرفة في حزب «ليكود» الحاكم وداخل الحكومة على نحو يجعله «قلقاً على مستقبل إسرائيل». وصبّت ردود الفعل في غالبيتها في الإشادة بيعالون «قائداً نزيهاً ومتزناً» اختار التمسك بالقيم والمبادئ والمهنية التي يؤمن بها، لا التمسك بكرسي أثير. في المقابل، اعتبر معلقون سلوك نتانياهو مع يعالون طعنة في الخلف و «عملية تصفية موضعية» كتلك التي كان يقوم بها يعالون في قمعه الانتفاضة الثانية. واتفق معلقون أن قرار يعالون كان مراد نتانياهو ليتخلص من شخص ربما يشكل منافساً قوياً له في المستقبل على زعامة «ليكود». وبينما أعرب وزراء «ليكود» في بيانات «رفع عتب» عن أسفهم ل «القرار المتسرع» لزميلهم ودعوه إلى العدول عنه، رحب حزب المستوطنين «البيت اليهودي» علناً برحيل من شكل «كارثة متنقلة على الأمن». في الجهة الأخرى، أعرب نواب في المعارضة عن قلقهم الحقيقي من مغادرة يعالون وقدوم المتطرف ليبرمان إلى وزارة الدفاع. ورأى النائب يوئيل حسون أن الاستقالة تحمل رسالة واضحة تقول لمواطني إسرائيل أنهم لن يستطيعوا النوم في الليل، وأنه لا يوجد من يعتمدون عليه، وأن مصيرهم مرهون برئيس حكومة مستهتر وعديم المسؤولية، فيما اعتبرت زعيمة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون أن «الاستقالة تزيل آخر الحواجز أمام خطر تحيوُن المؤسسة الأمنية والحكم الديكتاتوري لحكومة نتانياهو». ورأى معلقون أن يعالون ألقى خطاب «رجل عاقد العزم على أن يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية في المستقبل»، وأنه ترك الباب مفتوحاً أمام عودته ل «ليكود» لقيادته في حال عاد الحزب ليكون يمينياً معتدلاً، أو أن ينضم ل «ضحايا نتانياهو» السابقين الذين مثلوا التيار اليميني المعتدل، في إشارة الى جدعون ساعر وموشيه كحلون وسيلفان شالوم، ليقيموا حزباً جديداً. ومع دخول استقالة يعالون حيز التنفيذ غداً، سيحل محله في الكنيست المتطرف يهودا غليك، قائد عصابات اقتحام المسجد الأقصى المبارك، والذي نجا العام الماضي من الموت في عملية اغتيال.