منذ الإعلان عن رؤية المملكة 2030 والأسئلة ما انفكت تطرح، هل الإعلام السعودي قادر على تنفيذ هذه الرؤية والعمل على تقديمها إلى المتلقي؟ هل الإعلام السعودي من الجدة والوعي ليتمكن من مواكبة هذه الرؤية بعيداً من أسلوب المديح أو الانتقاد؟ إذاً فأي رؤية في حاجة إلى إعلام يُقدم النصيحة بأسلوب العقلاء المحبين للوطن وأهله، كما يقول الكاتب عبدالله الكعيد، إعلام يُعزز الثقة بقدرات أبناء الوطن على فعل المستحيل. وأكد عدد من الكتاب ل«الحياة»، أن الإعلام مكون مهم لنجاح أي مشروع ومنوط به تعزيز ما ورد في مشروع الأمير محمد بن سلمان في ما يخص التحول الوطني. حمد القاضي: تشكيل الوعي مما لا شك فيه أن الإعلام مكون مهم لنجاح أي مشروع أو رؤية أو مُنجز، فهو يُشكل الوعي والصناعة لدى من يقوم لأجلهم المشروع، فإذا توافرت الصناعة هنا تكون اسهمهم ومشاركاتهم في نجاحه الهدف المطلوب. الرؤية السعودية هي رؤية وطن وأجيال، وهي تمثل انطلاقة جديدة في مسيرة المملكة الاقتصادية والمواكبة الإعلامية لها دور في نجاحها كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. إعلامنا السعودي هو جزء من هذه الرؤية، بدأ يسير على مستوى التعريف بها، وبمساراتها وغاياتها وكيفية تحقيق أهدافها ومن منطلق توفير الصناعة لدى المواطن والمقيم بأهمية هذه الرؤية وعلى مستقبل وطننا المملكة. وأتوقع الآن أن المسؤولين يعدون الخطط لمواكبة هذه الرؤية وعلى مستوى كل وسائل الإعلام المقروء منها والمسموع والمُشاهِد. بقيت خطوة مهمة وتتعلق بالمواطن نفسه والذي يُسهم في الإعلام عن طريق وسائل التواصل المعروفة ومشاركته من خلالها والمساهمة في بث الوعي وبلورة هذه الرؤية من اجل نجاحها. عبدالله إبراهيم الكعيد: إعلام يعزز الثقة بتحرر الإعلام من الرقيب الذي يفترض انقراضه وقت تم اختراع جهاز الفاكس فكيف بالرقيب وهو يرى كل سلطاته تتهاوى في زمن وسائل التواصل التي لا تعترف بالقيود والضوابط. الإعلام التقليدي مطلوب ولكن يجب أن يتحرر من الرقيب الذي يكبّل الرسائل الاتصالية ويفرض عليها رؤى تجاوزها الزمن. الرؤية حتى تحقق الآمال المعقودة عليها تحتاج إلى خطاب إعلامي ناضج رزين لا ينصرف للمديح ولا ينتقد تجريحاً. إعلام يتناسى صراع التيارات وتوافه الأحداث ويتوجه للناس قبل المسؤول يقول لهم بكل صدق عن المستجدات التي تحدث ويحلل ما غمض في الرؤية وخططها التفصيلية. إعلام يُقدم النصيحة بأسلوب العقلاء المحبين للوطن وأهله. إعلام يُعزز الثقة بقدرات أبناء الوطن على فعل المستحيل ولا مستحيل مع العزيمة والإصرار والثقة بالنفس. هذا الإعلام المساند الأول للرؤية 2030 يفترض فيه أن يكون على مستوى تلك المسؤولية الكبيرة، لهذا يجب البدء من الآن في تهذيب جسده من الزوائد وشدّ براغي المفاصل وضخ القوة في قدراته وهذا لن يتأتى من دون فلترة الكوادر البشرية التي دخلت إلى الإعلام خلسة أو بدافعٍ من منفعة، فالإعلام صناعة تحتاج إلى صُناعٍ مهرة محترفين وليس تكيّة للعاطلين. محمد نصر الله: توصيات ملتقى المثقفين الإعلام منوط بتعزيز ما ورد في الإصدارات الملكية، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع الثقافة والترفية، وأحسب أن صدور الأوامر الملكية مُطمئن، خصوصاً للثقافة، ومؤشر على ما يمكن أن تكون عليه برامج التحول الوطني، وأنا شخصياً بحكم اهتمامي بهذا الموضوع وكوني سابقاً أميناً عاماً لملتقى المثقفين ما بين عام 2004 و 2011 الذي أوصى بان تكون هناك جهة مستقلة ترعى فنون الثقافة والفنون والآداب، وهذا يُحتم على وزارة الثقافة والإعلام أن تعمل على تضمين سياسة الشفافية في ما يخص هيئة الثقافة بأن يُدعى الى مناقشتها وصناعتها أبرز المثقفين المهتمين بالثقافة، خصوصاً أن الهيئة تضمنت أن يكون فيها مجلس مهمته رسم هذه السياسة الثقافية بإشراف مُباشر من وزارة الثقافة والإعلام. كان بودِي أن يبادر وزير الإعلام والثقافة بدعوة أهم المثقفين لمناقشة هذه الرؤية وإمكان تمثيلها في برامج مفصلة، يمكن أن تصدر عن برامج التحول الوطني في الأيام القريبة المقبلة. ولعل من أبرز المهام صياغة سياسة ثقافية للمملكة. القيام بدراسة مسحية للمواقع الثقافية المتنوعة في المملكة التراثية منها والمعاصرة. المبادرة فوراً نحو إشادة بنية تحتية لعمل ثقافي يتواكب مع مكانة المملكة عربياً وإسلامياً ودولياً. تفعيل عناصر القوة الناعمة الموجودة في المملكة من خلال التنوع الثقافي الثراثي الموجود في كل أقاليم المملكة، وحبذا إعادة إحياء التراث المحلي في أسواق العرب القديمة ابتداءً من سوق دومة الجندل في الشمال وسوق حياشة في عسير، مروراً بسوق عكاظ في مدينة الطائف، إلى سوق دارين في القطيف، والعمل على إيجاد المواقع التراثية الأخرى بإقامة مهرجانات موسمية تقوم بعرض ما لديها من فنون ثقافية متنوعة، وعرض نماذج من صناعتها المحلية انسجاماً مع التقليد العربي القديم في سوق عكاظ. العمل على استثمار رأس المال الثقافي البشري ودمجه في الاقتصاد الجديد، وأعني اقتصاد المعرفة الذي يُستثمر فيه اليوم شباب العالم ويحققون من خلاله الأرباح الهائلة. هناك أيضاً جُملة من المقترحات تتعلق بتطوير معارض الكتاب وإنشاء هيئة وطنية للكتاب ودمج الأندية الأدبية بفروع الجمعية السعودية العربية في مراكز ثقافية تستوعب جيل الشبان والشابات من منتجي الأفكار ومبدعي النصوص الروائية والمسرحية، علاوة على إيجاد متاحف خاصة للفنون التشكيلية، إضافة الى إنشاء فرقة للفنون الشعبية، وإقامة قاعات خاصة بالفنون والمسرح. عبدالعزيز الفاضل: مؤسساتنا الإعلامية وإحداث الفرق الإعلام في أي بلد يعتبر ركيزة أساسية في نجاح وتطوير اي مجتمع كان، وعادة ما يكون مرآه لقيم وثقافات وتطلعات المجتمعات وترمومتر قياسي من خلاله تجس مواطن الخلل وتغذية عكسية تشير إلى مدى النجاح أو الفشل أو ما بينهما. كلنا يعلم عن رؤية 2030 التي زفها إلينا الأمير محمد بن سلمان معبراً عما يتطلع إليه جيل كامل من الشباب السعودي الفتي، والذي يتوق أن تتبوأ السعودية مكانة متقدمة بين العالم الأول، نظراً لما حباها الله من نعم. الرؤية لن تكون عملاً رومانسياً، فالطريق إلى القمة ليس مكللاً بالورود ولن يكون مجرد أكليشهات، بل هو تحد ومحفز حقيقي لكل مفاصل هذا الوطن العزيز، ولن يكون هناك متسع للتراخي أو التسويف أو التبرير. يأتي الإعلام بكل مؤسساته وألوانه وهياكله ومنصاته على رأس القائمة في بوتقة الرؤية، ويواجه هنا مسؤولية تاريخية أمام هذا المشروع الطموح والجسور، وعليه أن يشمر عن ساعد العزم والبناء لا الهدم. مؤسساتنا الإعلامية الراهنة (صحافة، تلفزيون، مذياع) لا بد أن تعي حجم هذه المسؤولية، وبما فيها من تحديات، وعليها أن تغير كثيراً من ثقافتها وقناعاتها ومنهجيتها، فحتى تكون شريكاً في التغيير والتحول عليك أن تتغير وأن تملك المرونة الكافية للاعتراف بمواطن الخلل والعمل على حلها. على الإعلام في المرحلتين الحالية والمقبلة أن يكون كاشفاً وصريحاً وينعم بالكفاءات التي تركز على تحليل الأحداث والأخبار والقضايا أكثر من الاشتغال بإعلان الأخبار وألا ينساق إلى منافسة منصات التواصل الاجتماعي. والسؤال الملح: هل مؤسساتنا الإعلامية التي تزخر بالأساليب التقليدية قادرة على التناغم والتجاوب، لإحداث فرق ما أو تحول ما؟ وهل هي قادرة على تجاوز نمطيتها ومثالبها؟