اعتاد الجمهور السعودي ما قدمه الممثلان السعوديان ناصر القصبي وعبدالله السدحان من أعمال ذات مضمون هادف بطريقة ساخرة، فكانت اختزالاً وترجمة لما يحدث في المجتمع السعودي، تحت عباءة المعلم الأصلي لمسيرتهما المخرج عبدالخالق الغانم. فالمسلسل الذي جمعهم «طاش ما طاش» ومسلسل «سيلفي» يندرجان في الفكرة ذاتها مع اختلاف التفاصيل، إلا أن ظهور «سيلفي» الذي حمل بصمات المخرج أوس الشرقي حظي بمشاهدة واسعة سعودياً وعربياً، وسد حاجة الجمهور بعد انقطاع مسلسل «طاش ما طاش» الذي وجد المتابع من خلاله منفذاً للترفيه والتسلية، من خلال تجسيد بعض المواقف والأحداث الحقيقية في شكل كوميدي. «طاش ما طاش» لم يكن مجرد مسلسل عابر، بل وجبة كوميدية دسمة ينتظرها الصائم بعد الإفطار مباشرة، حتى كادت الشوارع تخلو من المارة أثناء عرضه، ويبقى حتى اليوم الذي يليه حديث البيوت السعودية والمقاهي. من هنا لم يكن انفصال الأصدقاء الثلاثة القصبي والسدحان و(معلمهم) الغانم، لمصلحة المشاهد السعودي، إذ ذهب السدحان إلى طريقه في أداء تجارب بصدى منزوٍ، أما القصبي فخرج من الجيب الأيمن لعباءة مسلسل «طاش ما طاش»، ليدخل الآخر من العباءة نفسها بمسمى «سيلفي»، وذهب الغانم بين ظهوره واختفائه للبحث عن مسميات أخرى في قلب طاش. وعلى رغم نجاح الجزء الأول من المسلسل الكوميدي «سيلفي»، لم تلق بعض الانتقادات التي طاولته صدىً إعلامياً، ومنها، احتجاج الممثلة المغربية أمينة العلي في حديث سابق إلى «الحياة» لعدم كتابة اسمها في نهاية الحلقة التي شاركت بها كبطلة، فيما اعتبرت الممثلة اللبنانية ليلى اسكندر تجربتها في المسلسل نجاحاً أضاف لها قيمة فنية، وانتقد بعضهم اعتماد المسلسل على كوادر مبتدئة، متهمين القصبي بالظهور في قالب كوميدي مكرر. ولوحظ أن الأعمال التي تتصدر مسلسلات البطلين (القصبي والسدحان)، لا تضيف للأبطال المشاركين معهما سوى التجربة والدعم وفرصة الظهور الفردي في مواسم ذهبية، على رغم ما يلقاه من اهتمام ظهور بعض الفنانات الخليجيات والعربيات اللواتي تتصدر أسماؤهن بطولة حلقات «طاش ما طاش». غير أن هؤلاء الفنانات لم يستطعن حمل أعمال بطولية أخرى بمفردهن، فيما كانت مشاركتهن في «طاش» علامة فارقة لهن، والدليل على ذلك أشهر حلقات «طاش ما طاش» التي تصدرت بطولتها الممثلة ريم العبدالله والتي حملت عنوان «تعدد الأزواج» (أخذت بتصرف من مقالة للكاتبة نادين البدير)، والتي حققت لها شهرة تفوق مشاركتها في بطولة منفردة لمسلسل ضخم بحجم «هوامير الصحراء». والمؤسف أن نجمي «طاش ما طاش» ومخرجه لم يثمنوا قيمة الشراكة التي جمعتهم سنوات، وأدخلتهم البيوت السعودية والعربية، وعلى رغم أن كلاً منهم شق طريقه بمفرده على مبدأ «المركب لا يقوده قبطانان»، إلا أن نجاح القصبي وتمكنه من الثبات على مستوى النجومية يؤكد أنه الأبرز بينهم، خصوصاً بعد تعرضه للتهديد من تنظيم «داعش» الإرهابي على إثر بعض الحلقات، وتكفير بعض الناس له. ويبقى السؤال الأهم، كيف يمكن إعادة المياه إلى مجاريها بين الأصدقاء الثلاثة، وهل يتناسون الشخصنة ويقتدون بالساحة الفنية المصرية مثلاً، التي باتت تجمع عمالقة من جنسيات عربية من دون تمييز أو تحيز في عدد من أعمالها، وبالتالي يكملون مشوار «طاش ما طاش» الذي يتعطش الجمهور السعودي لعودته؟