يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد جولة على دول أميركا اللاتينية تشمل فنزويلا وكوبا والبرازيل والارجنتين هي الأولى لرئيس سوري، هدفها الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى التعاون السياسي بين دمشق وهذه البلدان، إضافة إلى التعبير عن تقديره للمواقف السياسية التي تتخذها هذه الدول إزاء القضايا العربية وتعزيز الجسور القائمة بين سورية وملايين المغتربين في القارة. ويصل الأسد وعقيلته السيدة أسماء اليوم إلى كراكاس لبدء جولته التي يزور بعدها مدريد، حيث يلتقي الملك خوان كارلوس ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو بعد أيام على انتهاء رئاسة اسبانيا للاتحاد الأوروبي. وبعد مراسم الاستقبال الرسمية في كراكاس وزيارة ضريح سيمون بوليفار، يجري الأسد جلسة محادثات رسمية مع نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز، ويشارك في قسم منها أعضاء الوفد الرسمي السوري الذي يضم وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في الرئاسة الدكتورة بثينة شعبان ووزير شؤون الرئاسة منصور عزام. وعُلم ان اتفاقات ستوقع بين الجانبين «لتطوير العلاقات والبناء على ما أنجز خلال زيارتي تشافيز الى دمشق في 2006 و2009، حيث وقع 31 اتفاقاً وبروتوكول تعاون في المجالات البرلمانية وحماية البيئة والسياحة والزراعة والنقل الجوي والبحري والاقتصاد والتجارة والمناطق الحرة والنفط والطاقة والإعلام والإسكان والتعمير والتشاور السياسي بين وزارتي الخارجية، كما اقيم خط جوي مباشر بين طهرانودمشق وكراكاس، إضافة إلى بحث الأطراف الثلاثة في إقامة مصفاة للنفط في منطقة فرقلس وسط سورية لإنتاج 140 ألف برميل يومياً بكلفة تصل إلى 2.6 بليون يورو». وقال السفير الفنزويلي في دمشق عماد صعب إن «التعاون في المجال السياسي والتنسيق بين البلدين في المحافل الدولية عالي المستوى والدعم متبادل للقضايا التي تهمهما»، لافتاً إلى ضرورة رفع العلاقات الاقتصادية الى مستوى التعاون السياسي. وقال إن «الطريقة الأفضل لتلافي العقبات التي تحول دون تنفيذ الاتفاقات بسرعة هي الاستمرار بالعمل وتسريع انجازه وتجاوز كل ما من شأنه عرقلته. واستطعنا بفضل العمل الدؤوب تجاوز كثير من العراقيل». ولفت إلى أن بلاده ستكون «ضيف شرف» في معرض دمشق الدولي بعد أسابيع. ويشمل برنامج زيارة الأسد لقاء كبار ممثلي الجالية السورية في فنزويلا، علماً أنها تضم 1.2 مليون عربي، بينهم 700 ألف سوري. وقال صعب إن «الهجرة السورية كانت بناءة في المجتمع الفنزويلي». وينتقل الأسد وعقيلته من كراكاس إلى هافانا لإجراء محادثات مع الرئيس راؤول كاسترو الاثنين المقبل خلال زيارة تستمر يومين، مع احتمال لقاء الزعيم الكوبي فيديل كاسترو الذي كان زار دمشق في ايار (مايو) 2001 وبحث مع الأسد في تطوير العلاقات الثنائية، كما أن الرئيس الراحل حافظ الأسد التقاه لدى زيارته هافانا عام 1979. ويتضمن البرنامج استقبالاً رسمياً بمشاركة راؤول كاسترو وإجراء محادثات رسمية معه، كما سيزور الاسد مركز الهندسة الوراثية في هافانا. وقال السفير الكوبي في دمشق لويس ماريسي إن الزيارة «تعكس المستوى الرفيع للعلاقات». وأشار بيان باسم السفارة بثته «الوكالة السورية للانباء» (سانا) إلى أن البلدين «يتفقان في تقويمهما للتطورات في منطقتي الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، إذ تعبر سورية عن تضامنها مع كوبا ودعمها لها في مواجهة الضغوط والتحديات التي تتعرض لها، كما تؤكد كوبا بدورها وقوفها إلى جانب سورية وحقها باسترجاع الجولان المحتل ومساندتها للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل تحرير أرضه واستعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة». وفي برازيليا، يجري الأسد محادثات مع نظيره البرازيلي لولا دا سيلفا الأربعاء المقبل يتوقع أن تتناول تعميق العلاقات الاقتصادية وتوقيع اتفاقات، إضافة الى تبادل أرفع وسامين في البلدين، علماً أن البلدين يرتبطان باتفاقات ومذكرات تفاهم في المجالات الثقافية والتعليمية والسياحية والرياضية والتشاور السياسي. وسيزور الأسد مجلسي الشيوخ والنواب في برازيليا، قبل انتقال الوفد السوري إلى مدينة ساو باولو حيث يلتقي الاسد كبار ممثلي الجالية السورية في البرازيل ويجول في المستشفى السوري - اللبناني، ذلك ان الجاليتين السورية واللبنانية تضمان نحو 12 مليوناً (عدد السكان 190 مليوناً) وتمثلان بخمسة وزراء من أصل عربي في الحكومة. وقال السفير البرازيلي في دمشق ادغار انطونيو كاسيانو أن زيارة الأسد «ستفتح آفاقاً جديدة استناداً إلى علاقات الصداقة القائمة بين البلدين، وستفتح الأبواب أمام الحوار والمبادرات في المجال الاقتصادي وستلقي الضوء على جميع المجالات المحتملة للتعاون». وكان دا سيلفا زار دمشق في نهاية عام 2003 في أول زيارة لدولة عربية، وفي ضوء الزيارة، شكل البلدان منتدى لرجال الأعمال هدفه «البحث في الفرص الاستثمارية وإيجاد الوسائل لتعزيز التبادل التجاري»، إضافة إلى توقيعهما اتفاقاً للتعاون الثقافي والتربوي وثانياً للتعاون الفني والصحي وإجراءات الصحة النباتية وثالثاً للتعاون السياحي. ونوهت دمشق بالدور الذي تلعبه البرازيل في الساحة الدولية وفي المنطقة ومساهمتها مع تركيا بالتوصل الى اتفاق مع إيران في شأن برنامجها النووي. وتدعم دمشق انعقاد الدورة الثالثة من القمة العربية - الاميركية اللاتينية، علماً أن الدورة الأولى عقدت في البرازيل في 2005 والثانية في الدوحة 2009. وتقدمت بيرو باقتراح لاستضافة الدورة الثالثة للقمة بين 13 و16 أو بين 14 و17 من شباط (فبراير) المقبل. وبحسب وثائق الجامعة العربية، وافقت سورية ودول عربية أخرى على ذلك، كما عقد اجتماع تمهيدي لوزراء الخارجية العرب ونظرائهم في أميركا اللاتينية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة. وقال كاسيانو إن بلاده تأمل في أن يشكل هذا المنبر «قوة ديبلوماسية في المنطقتين تناهض سياسات العولمة بمفهومها الغربي وسياسة القطب الواحد التي تتحكم بالقضايا الدولية». وتتضمن وثائق الاجتماعات السابقة دعم الموقف العربي في استعادة الاراضي المحتلة على أساس القرارات الدولية. وتبدأ في نهاية الأسبوع زيارة الاسد الى بوينس آيرس، حيث يعقد بعد مراسم الاستقبال الرسمية جلسة محادثات مع الرئيسة الارجنتينة كريستينا كرشنر، يليها توقيع اتفاقات. وأوضح السفير الارجنتيني في دمشق روبرتو عواد أن الاتفاقات الجديدة تتناول مجالات السياحة والثقافة والنقل ومنع الازدواج الضريبي. ويرتبط البلدان باتفاق تجاري يقضي باتخاذ إجراءات لتسهيل وتنمية التجارة بينهما ومنح إجازات الاستيراد والتصدير اللازمة للبضائع التي منشؤها المباشر بلد الطرف الآخر. ونوه عواد ب «التعاون والتنسيق الثنائي رفيع المستوى في المحافل الدولية حيث تدعم الأرجنتين حق سورية في استعادة الجولان المحتل كما تدعم سورية حق الأرجنتين في استعادة جزر مالفيناز (فولكلاند) المحتلة». لكنه قال إن «العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية، الأمر الذي يؤكد ضرورة العمل على تفعيل دور رجال الأعمال لجهة الارتقاء بهذه العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري، لا سيما أن العلاقات التجارية تعود إلى تأسيس غرفة التجارة العربية - الارجنتينية قبل 75 عاماً». وسيلتقى الأسد الجالية السورية التي يبلغ عددها نحو 2.5 مليون شخص.