على بعد أسابيع قليلة من موعد امتحانات البكالوريا في المغرب، تبذل وزارة التربية الوطنية جهوداً مكثفة من أجل إيجاد حلول عملية مناسبة لتجاوز مشاكل تسريب الامتحانات، كما حصل العام الماضي، والتي دفعت الوزارة إلى إعادة امتحانات بعض المواد، في ظل ردود فعل التي أثارتها الجدولة الزمنية للامتحان الجهوي والامتحان الوطني لسنة 2016 في أوساط الطلاب الممتحَنين وآبائهم، إلى جانب هيئة التدريس، وذلك بتزامن موعد امتحانات أيام 7 و8 و9 حزيران «يونيو» المقبل مع أوائل شهر رمضان، واستمرار موعد الاختبارات إلى حدود السادسة مساء، وفق ما أوضحته وثائق تعود لمصلحة التوجيه المدرسي والمهني في وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. وتعكف وزارة التربية التي ضبطت ما مجموعه 3066 حالة غش العام الماضي، مستعينة بالأمن والدرك، على عقد اجتماعات من أجل إيجاد السبل المناسبة للقطع مع عمليات الغش في امتحانات البكالوريا، التي أصبحت مطروحة نهاية كل موسم دراسي، ووضع خطة لمحاربة تسريب الامتحانات 2016، مستنجدة بجمعيات أولياء الطلاب من أجل مساعدتها على مكافحة عمليات الغش في الامتحانات، من خلال القيام بحملات تحسيسية للتلاميذ في كل المؤسسات التعليمية لإطلاع الممتحنين على عواقب الغش ومخاطره على مستقبلهم. كما شملت عمليات التحضير للامتحانات المقبلة توضيح السلوكيات المحظورة على الطلاب والأساتذة والأطر الإدارية المشرفة على الامتحانات، إذ وجهت الوزارة في هذا الصدد مذكرة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، من أجل دفعهم إلى مواكبة الطلاب خلال اجتياز الامتحانات. في المقابل يواصل مجلس النواب المغربي مناقشة مشروع القانون الجديد رقم 13.02 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، من خلال سن عقوبات سجنية نافذة، وغرامات مالية أيضاً، بحسب اختلاف وضع الطالب الذي يمارس الغش. وينص مشروع القانون الجديد على سجن الغشاشين من شهر إلى سنة، وتغريمهم مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف درهم مغربي، أو بإحدى العقوبتين لكل من استعمل وثائق مزورة بقصد المشاركة في الامتحان، أو تعويض المرشح المعني باجتياز الامتحان بشخص آخر غيره. ويورد القانون ذاته عقوبة سجنية تمتد بين 3 أشهر وسنتين، وغرامة من 10 آلاف إلى 20 ألف درهم، لكل من قام بتسريب مواضيع الامتحانات للغير قبل إجراء الامتحان، أو المساعدة على الإجابة في الاختبار. وفيما يعتبر القانون المرتقب أن يصادق عليه البرلمان المغربي، «حيازة أو استعمال الوسائل الإلكترونية، كيفما كان شكلها أو نوعها، سواء كانت مشغلة أم لا، ضمن حالات الغش في الامتحان، أورد عقوبات أخرى، من قبيل اعتماد نقطة موجبة للرسوب بالنسبة الى المادة موضوع الغش، والإقصاء النهائي من اجتياز الامتحان». وأثارت العقوبات السجنية للغشاشين في الامتحانات المدرسية، ردود فعل متباينة، باعتبار أنها عقوبات سالبة لحرية تلاميذ لم يحظوا بعد بالنضج الكافي لمدى خطورة أفعالهم بالغش في الامتحان من أجل الحصول على علامات جيدة. واعترضت الجمعية المغربية لحقوق التلميذ على المواد المتضمنة في العقوبات الزجرية التي تخص السجن والغرامات المالية. وأوضحت الجمعية في بيان، أن «التلاميذ لم يصلوا بعد إلى مرحلة النضج والوعي بخطورة أفعالهم، كما أن السجن قد يشكل تهديداً خطيراً لمستقبلهم الدراسي والاجتماعي»، مطالبة بالاكتفاء بالعقوبات التربوية من قبيل النقط السلبية، والإقصاء من الامتحان، والتوقيف الموقت. وبعد أن اعتبر المصدر الغش ظاهرة بنيوية في المجتمع، طالب باعتماد مقاربة تربوية دائمة لمحاربة أسباب الغش في الحياة المدرسية، وفي الامتحانات، داعياً جميع المسؤولين التربويين إلى إعطاء القدوة الحسنة للتلاميذ في السلوك والقيم الفاضلة، لأن التلميذ ينشأ ويتطبع مع بعض أشكال القيم السلبية المستشرية في المجتمع. وكانت إدارة الشرطة في المغرب، أعلنت العام الماضي عن اعتقال 57 شخصاً، من بينهم 10 نساء، على خلفية «تورطهم في أعمال الغش في الامتحانات» الخاصة بالبكالوريا. وتمكنت الشرطة المغربية، من «رصد مجموعة من الصفحات» على شبكات التواصل الاجتماعي، «تستعمل في تسريب الأسئلة والأجوبة» في الامتحانات. كما حجزت الشرطة المغربية، «مجموعة من الأجهزة المعلوماتية، والهواتف المحمولة، الموصولة بسماعات رقمية مصغرة»، بالإضافة إلى «آلات للطباعة تم تسخيرها في عمليات الغش». ووفق الشرطة المغربية، فإن «الأسلوب المعتمد، في أغلب حالات الغش»، يتم عبر «استخدام هواتف محمولة، موصولة بسماعات رقمية، للاتصال بأشخاص خارج مراكز الامتحان»، أو «لاستقبال رسائل نصية، وتدوينات عبر موقف التواصل الاجتماعي، تتضمن الأجوبة» على الاختبارات. كما تمكنت الأجهزة الأمنية، من توقيف أشخاص، يقومون بإعداد أجوبة لفائدة المرشحين مقابل مبالغ مالية.