من المنتظر ان تخرج نتائج 507 آلاف و413 مترشحاً، من مختلف الشعب والتخصصات لامتحانات البكالوريا في المغرب، ليلة 24 الجاري، وسط انتقادات واحتجاجات صاحبت تسريبات مادة الرياضيات في الامتحان الرسمي، اذ تحولت قاعات الامتحانات إلى ساحات للمواجهات بين التلاميذ والأطر التربوية، بعد أن وصل إلى علم التلاميذ أن الأسئلة سربت عبر فايسبوك، مباشرة بعد دخولهم قاعة الامتحانات، ما جعلهم يغادرونها وينظمون وقفات احتجاجية في كل جهات المغرب. وفي سابقة من نوعها، اعترفت وزارة التربية والتعليم، بتسريب اسئلة مادة الرياضيات على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل موعد الانطلاقة الرسمية في مراكز الامتحان لتعلن عن قرارها «إعادة إجراء اختبار مادة الرياضيات» في «مسالك العلوم التجريبية والعلوم والتكنولوجيات»، من دون ان تقوم بإبلاغ الرأي العام بنتائج مجريات التحقيق الذي باشرته في الموضوع منذ اسبوع. وكانت وزارة الداخلية أصدرت بلاغاً قدمت فيه عدد الأشخاص المعتقلين المشتبه بتورطهم في عملية الغش أثناء الامتحانات، وخصوصاً أولئك الذين قدموا للمترشحين «خدمات غش» عبر وسائل الاتصال الحديثة، بعد حصولهم على أسئلة وتمارين الامتحانات من على «فايسبوك». وتنتشر على الموقع الأزرق صفحات تحمل اسم تسريبات تقوم بتقديم أوراق من امتحانات البكالوريا، تصفها بأنها امتحانات لجميع التلاميذ، جرى الحصول عليها قبل تاريخ الاختبارات. ووصفت هيئات سياسية ومدنية الحادثة ب «الجريمة» التي «يراد بها خلق البلبلة وسط التلاميذ وأسرهم وضرب ما تبقى من صدقية لشهادات المؤسسات التعليمية المغربية»، داعية إلى فتح تحقيق نزيه وسريع للكشف عن ملابسات «الحادث الإجرامي والأطراف المتورطة فيه»، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية الصارمة في حق المتلاعبين بمصير التلاميذ وأمن المغاربة»، ومعلنة عن تضامنها مع مظاهر الاحتجاج السلمي للتلميذات والتلاميذ وعائلاتهم. كما اعتبرت أن إصلاح المنظومة التربوية «ليس عملية تقنية بقدر ما هو عملية سياسية ومجتمعية مرتبطة بالمشروع المجتمعي الحداثي ومنظموته القيمية والفكرية». وأشارت الفيديرالية الوطنية المغربية لجمعيات أولياء التلاميذ، إلى أنها تلقت بذهول واستغراب كبيرين خبر تسريب مواضيع الامتحانات، متسائلة عن كيفية تقبل فضيحة من هذا الحجم من طرف الآباء والأمهات والأولياء، «في الوقت الذي يتبجح فيه المسؤولون عن التربية والتكوين بنجاعة الإجراءات الوقائية المتخذة». وعبرت الفيديرالية عن شجبها كل أشكال الغش في الامتحانات حفاظاً على تكافؤ الفرص بين المتعلمين المتعلمات، مشيرة إلى أنها تلقت شكاوى متعددة من الممتحنين بسبب الترهيب الذي تعرضوا له داخل الأقسام من طرف لجان تدعي أنها تكشف عن الهواتف النقالة بأسلوب بوليسي وليس تربوياً. وزادت الفيديرالية أن الأسلوب البوليسي المشار إليه انعكس سلباً على أداء الممتحنين ونفسيتهم، في حين لم تمنع كل هذه الإجراءات من تسريب مواضيع الامتحان، مشيرة إلى أن الوزارة تراقب التلاميذ بينما «تسمح لموظفيها ومسؤوليها بالعبث بمصير ومستقبل البلاد والعباد»، مطالبة بإقالة وزير التربية الوطنية واتخاذ القرارات المناسبة في حق المسؤولين عن عملية التسريب، وإخبار الرأي العام بنتائج التحقيق وبالتدابير والقرارات المتخذة في حق المذنبين، وبإعادة الصدقية التي فُقدت في شهادة الباكالوريا. وقال محمد الصدوقي، عضو الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، إن تسريب الامتحانات يشكل ضربة قاصمة لصدقية البكالوريا الوطنية دولياً ووطنياً، ولصورة المغرب التربوي، ومبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وتكريس صورة سلبية لديهم حول المسؤول القدوة، مؤكداً أن تسريبات بعض المواد في امتحانات البكالوريا تطرح ملف السياسة العامة في تدبير الامتحانات الرسمية التي تعتبر اساسية في تحديد مستقبل التلاميذ، ما يعكس حال تسيب، وفقدان مؤسسات الدولة هيبتها، مشيراً إلى أن «هناك آباء أنانيين يشكلون نخبة فاسدة، تسعى إلى منح أبنائها فرصاً أكثر من أبناء الشعب، للحفاظ على المكانة الاجتماعية التي حصلوا عليها من طريق الغش». محاكمة الوزير في المقابل تقدم، أخيراً التوأم سلمى وسمية الدحماني، المعروفتان ب «توأم بركان»، بدعوى أمام المحكمة الإدارية في الرباط ضد وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، لاستصدار غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم امتناع ضد الوزير المذكور بعد الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي، الذي صدر لمصلحتهما والمتعلق ببطلان قرار حرمانهما من شهادة البكالوريا للموسم الماضي، ما فوت عليهما الفرصة للالتحاق بإحدى الجامعات الألمانية. وقال المحامي مراد زيبوح، إن الوزارة المعنية تعاني إزدواجية في الخطاب «فبالأمس عندما طالبناها بإعادة امتحان التلميذتين في مادة الفلسفة لنفي جريمة الغش عنهما، رفضت ذلك وقالت إن الأمر فيه مس بمنظومة الامتحانات، لكن اليوم وعندما تعلق الأمر بفضيحة تسريب تتحمل الوزارة مسؤوليتها يتم إعادة امتحان التلاميذ المعنيين بالموضوع المسرب»، ويقول زيبوح: «للأسف التلميذ هو الحلقة الضعيفة في مثل هذه الحالات، ودائماً يعلق عليه فشل منظومة التربية والتعليم في بلادنا، خصوصاً منظومة الامتحانات».