يبدو أن الأيام الثلاثة من الدورة الأولى للبكالوريا لم تمر كما خططت لها الحكومة المغربية بسن قوانين زجرية ضد الغش، إذ سجلت مصالح وزارة التربية الوطنية حالات شغب وغش، جعلت الوزير المكلف القطاع يتواصل بكثافة مع مختلف وسائل الإعلام للحديث عما طالته أيدي وزارته من غشاشين ومُسربين. وشدد الوزير على أن التلميذات والتلاميذ بريئون مما ينشر على صفحات الفايسبوك، كاشفاً عن وجود «عصابة» مُنظّمة تمتلك مواقع منتشرة على كامل التراب المغربي هي التي تقف وراء ما ينشر من مواضيع الامتحانات بعد أن يتم توزيعها على المترشحات والمترشحين. وأوضح الوزير، خلال لقاء صحافي نُظّم الأربعاء الماضي في الرباط، أن غرض هذه العصابة هو «المس بأمن واستقرار المغرب عن طريق امتحانات البكالوريا»، وأن مصالح الأجهزة الأمنية تتابع بدقة كل الجوانب المرتبطة بهذا الموضوع «الذي ليس له ولن يكون له أي أثر سلبي في السير العادي للامتحانات»، بما في ذلك عملية التصحيح، على حدّ قوله. الوزير محمد الوفا نفى أن يكون هناك أي تسريب لأوراق الامتحان قبل فتح الأظرفة المشمعة الخاصة بالمواضيع، والتي تفتح داخل الأقسام أمام التلاميذ وليس في الإدارة كما كان معمولاً به سابقاً، موضحاً أن التنسيق بين وزارة التربية الوطنية والمصالح الأمنية أدى إلى حماية وتأمين نقل المواضيع وحماية محيط مراكز الامتحان والمكلفين الحراسة من الاعتداءات التي قد يتعرضون إليها. وكانت وزارة التربية الوطنية أعلنت منذ الثلثاء الماضي، وهو اليوم الأول للامتحانات، عن ضبط حالات تورط فيها تلاميذ، وتم إيقاف حوالى 8 عناصر «حاولوا تسهيل عملية الغش لفائدة مترشحين آخرين»، وفق بيان الوزارة وهو ما جعل الوزير يبادر إلى التصريح بضبط «شبكة» تعمل على إفساد امتحانات البكالوريا. وكانت الحالة اللافتة في اليوم الأول «اعتقال تلميذ في الدار البيضاء بعدما ضبط مُتلِبساً في حالة غش بواسطة جهاز متطور جداً كان يتواصل بواسطته عبر شبكة خارجية»، وفق ما ورد في البيان الصحافي للوزارة. اليوم الأول من امتحانات البكالوريا كان بطله بامتياز صاحب الصفحة الفايسبوكية «تسريبات» الذي أطل منذ الصباح على رواد موقع التواصل الاجتماعي، بنسخ ضوئية لما قال إنها تسريبات لمواد البكالوريا، خلال فترتي الصباح وبعد الظهر، وأبرزها مواد الفيزياء والكيمياء واللغة العربية وعلوم الحياة والأرض والمحاسبة والإنكليزية. وبث القائمون على الصفحة نسخاً من المواد المُمتحن فيها فترة زمنية قصيرة بعد دخول المترشحين قاعات الاختبار، ونسخاً من الأجوبة عن هذه الامتحانات، ورسائل التأييد وطلبات المساعدة من العديد من التلاميذ. وكانت وزارة التربية الوطنية عمدت إلى الإعلان عن تدابير زجرية لمعاقبة الغشاشين في امتحانات البكالوريا خلال الموسم الدراسي الحالي، تمثلت في تحديد عدد المرشحين لاجتياز امتحانات البكالوريا في 20 مرشحاً داخل كل قاعة، ومنع التلاميذ من استخدام الأجهزة الإلكترونية. وكان وزير التربية ذكر في اللقاء الصحافي أن النظام الجديد ينص على اعتقال التلاميذ، مشيراً الى أنه سيتم اتخاذ القرارات المناسبة في حقهم، والتي قد تصل إلى سنتين من المنع من اجتياز امتحان البكالوريا. ولم يقف الوزير عند هذا، بل أكد أن مستعملي «الآيفون» والأجهزة الإلكترونية، سيقدمون للعدالة لأن هذا يعتبر جناية، إلى جانب المعتدين على الأساتذة خلال الحراسة. هذا وأصبحت التكنولوجيا الحديثة «تحدياً للجان المراقبة»، وفق وزير التعليم العالي لحسن الداودي الذي كان يتحدث في مجلس المستشارين نيابة عن زميله محمد الوفا فقال إن غالبية الوسائل المستعملة اليوم في الغش، هي وسائل التكنولوجيا الحديثة، كآلات التنصت أو تصوير مادة الامتحان وإرساله عبر الشبكة العنكبوتية، ثم توزيعه على آخرين يبحثون عن الإجابة ويعيدونها. وأضاف الوزير أن الرقابة الدقيقة لمثل هذه الوسائل تتطلب آليات للكشف عن الهواتف النقالة، كعنصر مكمل للقوانين الزجرية. واعتبر الناشط الحقوقي مصطفى المانوزي، أن حملة الاعتقالات في صفوف التلاميذ الغشاشين تفتقر إلى الشرعية، مشيراً إلى أن «عدم قانونية هذا الإجراء يقر بها التشريع المغربي نفسه الذي يحتكر المعاينة قبل التوقيف على حاملي الصفة الضبطيّة المشتغلين تحت إمرة النيابة العامّة»، وهو ما لا ينطبق على الموظفين التربويين والإداريين الموكلة إليهم مهمات الحراسة.