أكدت الفنانة التشكيلية الدكتورة عبير الصاعدي أن الإبداع لا يقسّم ولا يُجزأ، معتبرة أن الوقت الحاضر عصر المرأة لأن الرجل أخذ مساحته ووقته على مدى عقود كثيرة، في عدد من الجوانب، خصوصاً في الفن التشكيلي. فالمرأة، كما ترى، من حقها أن تأخذ نصف مساحة المجتمع من الثقافة والإعلام. وقالت إن هناك من التشكيليين أنفسهم من يشكك في وجود الإبداع التشكيلي النسائي، «بل إن البعض يرى أن التجارب التشكيلية النسائية معدودة وهي لأسماء معيّنة هن المبدعات، وما دون ذلك لا توجد تجارب ناجحة، وهذا رد موثّق ومكتوب لهذه الادعاءات». «الحياة» التقتها وحاورتها حول «الموسوعة الوصفية للتشكيليات السعوديات»، التي أعدتها، إضافة إلى مواضيع أخرى. بدت الموسوعة الخاصة بالفن التشكيلي النسائي كبيرة، التي قمت بإعدادها مع الدكتور سعد العبد، وفيها جهد، حدثيني عن المشروع منذ أن كان فكرة؟ - المشروع كان يراودني منذ فترة طويلة سأذكر أسبابها، وقد اجتمعت بالدكتور سعد العبد وكان له الهاجس نفسه، فاتفقنا على الفكرة وبدأنا بوضع الخطط، وكونّا فريق عمل، ومن ثم بدأنا بالتنفيذ إلى أن خرج أول جزء للنور، وكانت هناك عناصر داعمة وشاركت في هذا النجاح وأولهم التشكيلية ذاتها. أما عن أسباب البحث فبحكم تخصصي وحبي للفن التشكيلي وفي غمرة دراساتي وأبحاثي، كنت أنظر إلى هذا العدد الهائل من التشكيليات المبدعات المكافحات، ولهذه التجارب التي تستحق الإشادة والتعريف بهن، والتي حالت ظروف عدة دون ظهورهن ليس تشكيكاً في جهة بعينها فقد تكون السبب التشكيلية ذاتها، إضافة إلى أن هناك من التشكيليين أنفسهم من يشكك في وجود الإبداع التشكيلي النسائي، بل إن البعض يرى أن التجارب التشكيلية النسائية معدودة وهي لأسماء معيّنة هن المبدعات وما دون ذلك لا توجد تجارب ناجحة، وهذا رد موثّق ومكتوب لهذه الادعاءات. وبطبعي أحب التوثيق، فلو وقفنا بعد فترة زمنية نحاول أن نسترجع بصمات هذا الوجود ربما فقدنا منه الكثير، إضافة إلى ذلك عندما كنت نائبة لرئيس لجنة الفنون التشكيلية بالغرفة التجارية بجدة كنت اجتمع بالتشكيليات وشاهدت عن قرب استياء بعضهن من قلة فرص مشاركتهن والتعريف بهن. وأقولها بصراحة هناك جهات لا تخدم إلا أسماء بعينها، وهناك تجمعات فنية قد تحول دون الرقي بمستوى الفن التشكيلي لدينا هذا عن الداخل، وليس مجمل كلامي أن جميع التجارب النسائية ناجحة وليس عليها غبار، فالفن التشكيلي شأنه شأن أي مجال آخر به الجيد وبه دون ذلك، ولا نستطيع أن نعمم أياً من هذه الأحكام على تجربة قطاع كامل. كيف وافق وزير الثقافة على تدشين الموسوعة؟وماذا عن الرعاة؟ - الدكتور عبدالعزيز خوجة رجل مثقف وواسع الأفق يقدر الفكر والعمل الجيد، ويقدر للمرأة السعودية مثابرتها وفكرها، وكانت المبادرة بطلبه تدشين الموسوعة من إيماننا العميق بفكره الثقافي والإنساني المميز، وقامت الجهة المنسقة بالاتصال به، ووعد بالحضور فأوفى. لماذا الموسوعة مقتصرة على النساء فقط، وليس كل الفنانين؟ ألا تجدين في هذا انحيازاً ضد الرجل، حتى ولو كان شريكك في التأليف رجلاً؟ - الرجل هو أبي وأخي وزوجي وابني ومعلمي وشريكي في العلم والعمل، نحتاج إلى رأيه وخبرته وتوجيهه، لا نستغني أبداً عنه ولا نقلل من شأنه وإبداعه، وأنا مؤمنة بأن الإبداع لا يقسّم ولا يُجزأ، ولكن الوقت الحاضر عصر المرأة لأن الرجل أخذ مساحته ووقته على مدى عقود كثيرة، في عدد من الجوانب، خصوصاً في الفن التشكيلي، فالمرأة نصف المجتمع، لذا من حقها أن تأخذ نصف مساحته من الثقافة والإعلام، إضافة إلى أن الاهتمام بالمرأة المبدعة يسهم في إيجاد أجيال مميزة، فالمبدعة إنسانة تدرك وتعي القيم والمبادئ وتقدر كل ما هو قيّم، والاهتمام بالحركة التشكيلية النسائية يعد اهتماماً ونهوضاً بكل مقومات النجاح للأسرة السعودية. في شكل عام كيف ترين المشهد التشكيلي النسائي والرجالي؟ - في الوقت الحاضر هناك سيادة واضحة للكم عن الكيف، وهذا ليس مؤشراً سلبياً على كل حال، حتى يتعود المتذوق على إدراك العمل الذي يحمل مقومات الفن الجيد، وبالتالي تبدأ عملية الانتقاء، وشيئاً فشيئاً لن يظهر على الساحة التشكيلية إلا كل عمل يتميز بالأصالة والفكر والأداة الجيدة، فالفن التشكيلي - في المملكة - شأنه شأن العطاءات الإنسانية الأخرى تأثر بعدد من العوامل المواكبة للعصر والتي غيّرت من اتجاهاته ومفاهيمه وحتى أدواته. فالتعدد الثقافي والفكري أوجد رؤى تشكيلية متباينة في الفكر والاتجاهات والمستوى، وأصبحت بعض الاتجاهات التشكيلية تعاني من أزمة في الجانب الثقافي تتمثل في إمكان توصيل الرسالة للمتلقي عبر أدواتها. نحن نطمح إلى الكمال وما ذكر ليس كل شيء ليكون المشهد التشكيلي نموذجاً يحتذى به، ولكن أعتقد أننا قطعنا شوطاً في ذلك، وأهم من ذلك كله أن تكون أهدافنا موحّدة وعامة لنرقى بهذه اللغة العالمية، وهذا الجانب الحيوي المهم من جوانب الحياة.