نتحدث كثيراً عن مكاسب حصلت عليها المرأة في العقود الأخيرة، ولكن تصدر من وقت إلى آخر تقارير تعكس خسائر تُمنى بها النساء باستمرار، خصوصاً في ما يتعلق بالخدمات المتصلة بصحتهن. وفي هذا السياق، ظهر أخيراً «التقرير العالمي عن صحة المرأة»، الذي أصدره «الاتحاد العالمي لأمراض النساء والولادة» («فيغو» FIGO، وهي الكلمة التي تختصر عبارة International Federation of Gynecology & Obstetrics) بالتعاون مع «صندوق الأممالمتحدة للنشاطات السكانية». والمعلوم أن هذا التقرير يصدر في شكل دوري كل ثلاث سنوات منذ عام 1994. وصدر هذا العام لمناسبة عقد «المؤتمر العالمي لأمراض النساء والتوليد» في مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا. وخلال هذا المؤتمر، أوضح رئيس «فيغو» الدكتور جمال أبو السرور، أن التقرير يؤكد وفاة ما يزيد على نصف مليون سيدة سنوياً بسبب مشاكل الحمل والولادة، إضافة إلى تعرّض 20 مليون سيدة لأمراض تشمل فقر الدم الشديد، ومشاكل الحوض، وهبوط المهبل، وتدهور عمل الجهاز البولي، ومشاكل في الجهاز التناسلي وغيرها. ولفت أبو السرور الى أن التقرير يحمّل الإجهاض غير الآمن المسؤولية عن 13 في المئة من وفيات الأمهات عالمياً. وكذلك رأى أن النقص في عدد الوفيات في الأمهات بسبب الحمل والولادة لم تزد نسبته على واحد في المئة خلال الفترة الأخيرة، في حين أن الهدف الخامس لإعلان حقوق الإنسان يأمل بأن تصل النسبة عينها إلى 75 في المئة بحلول عام 2015. مآسي ختان الإناث ذكر أبو السرور أن التقرير نفسه يعتبر ختان الإناث أبرز أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة، كما يؤكد التقرير أن هناك ثلاثة ملايين طفلة تجري لها عملية الختان سنوياً، غالبيتهن في قارة أفريقيا والشرق الأوسط. ولاحظ أبو السرور أن التقرير يورد أشكالاً اخرى من العنف ضد المرأة، مثل إجبارها على الحمل في المرحلة العمرية من 15 إلى 19 سنة. ولفت إلى ما ورد في التقرير عن مشكلة العقم، التي يعانى منها 80 مليون شخص، مشيراً إلى أنها تعتبر مشكلة طبية واجتماعية، خصوصاً في البلدان النامية. وأكّد أبو السرور أهمية أن يقوم أطباء النساء والتوليد بدورهم في تثقيف المرأة وخلق وعي لديها بحقوقها وبصحتها الإنجابية، إضافة إلى تعريفها بطُرُق الحمل الآمن، وكذلك الاهتمام بالتدريب للوصول بالخدمات الصحية إلى المستوى الذي يحقق الأهداف النمائية بحلول عام 2015. شارك في «المؤتمر العالمي لأمراض النساء والتوليد» الدكتور حافظ شقير من تونس، وهو مدير «صندوق الأممالمتحدة للسكان» عن المنطقة العربية والشرق الأوسط. وفي كلمة له في المؤتمر، أكّد شقير أن الصندوق الذي يديره يسعى إلى تكوين المرأة الواعية بحقوقها في الوصول إلى صحة إنجابية متكاملة وشاملة، عِبر مساعدة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني وبرامج الرعاية الصحية التي تتوخى توفير أقصى حماية للمرأة أثناء الحمل وبعد الولادة، إضافة الى رعاية المولود وتوفير اللقاحات الأساسية له. واعترف شقير بوجود نقص شديد في الرعاية الصحية للنساء في بعض الدول. وقال: «يكفي أن نعرف أن جنوب السودان لا يوجد فيه سوى ثلاث قابلات، بالترافق مع وفيات في الأمهات تصل إلى 2000 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة، في حين أن الرقم عينه هو 43 في مصر و130 في المغرب. وأضاف أن الصندوق يعمل على جذب اهتمام صانعي القرار لرصد الأموال لرعاية المرأة، وتغيير القوانين التي تمنعها من الحصول على حقوقها، خصوصاً خدمات الصحة الإنجابية.