تعهدت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مواجهة «انقلاب»، بعدما صوّت مجلس الشيوخ لمصلحة عزلها ومحاكمتها، لاتهامها بانتهاك قوانين الموازنة، ما يؤجّج أزمة اقتصادية حادة تضرب أضخم بلد في أميركا اللاتينية، فيما يواجه مناهضو روسيف اتهامات بالفساد. وسيتولى ميشال تامر «لوليا»، وهو لبناني الأصل كان نائباً لروسيف، الرئاسة خلال محاكمتها التي ستدوم 6 أشهر، والتي تطوي 13 سنة من حكم حزب «العمال» اليساري، الذي حقّق بقيادة الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قفزة اقتصادية واجتماعية نوعية أخرجت عشرات ملايين البرازيليين من فقر مدقع. لكنّ لولا جسّد معاناة حزبه، إذ طاولته اتهامات بالفساد، لطّخت صورته الناصعة، وإنْ حاولت روسيف التي كان عرّاباً لانتخابها خلفاً له، حمايته من خلال تعيينه رئيساً لديوانها. وقارنت روسيف عزلها بتعذيب تعرّضت له خلال الديكتاتورية العسكرية في البرازيل، معتبرة أنها ضحية «انقلاب» و «مهزلة قضائية وسياسية». وأضافت قبل مغادرتها قصر الرئاسة: «ربما ارتكبت أخطاء، لكني لم أقترف أي جريمة. أنْ يُدان إنسان لجريمة لم يرتكبها هو أكثر الأمور وحشية التي يمكن أن يتعرّض لها». واستدركت: «لن أتخلى عن الكفاح. أدعو جميع البرازيليين المعارضين للانقلاب من أي حزب كانوا، إلى البقاء في تعبئة وموحدين ومسالمين. الخطر لا يحدق فقط بولايتي، بل أيضاً باحترام أصوات الناخبين وسيادة الشعب البرازيلي والدستور». واقر مجلس الشيوخ عزلها بغالبية 55 صوتاً في مقابل 22، خلال جلسة ماراثونية دامت 22 ساعة، على أن يتخذ المجلس قراراً نهائياً خلال مهلة أقصاها 180 يوماً. وروسيف (68 سنة) ليست مُتهمة بفساد، ولكن فضيحة شركة «بتروبراس» النفطية العملاقة المملوكة للدولة والتي كانت ترأسها قبل أن تصبح أول رئيسة للبرازيل عام 2010، شجّعت المعارضة على إقصائها، لاتهامها بالتلاعب بحسابات عامة من أجل إخفاء حجم العجز المالي للبرازيل، ولكي يتسنّى لها زيادة حجم الإنفاق العام خلال حملة إعادة انتخابها عام 2014، علماً أنها ممارسة لجأ إليها رؤساء سابقون لم يتعرّضوا لمساءلة. وبلغت شعبية الرئيسة خلال ولايتها الأولى 77 في المئة، لكنها تراجعت إلى 10 في المئة عام 2015، وبات أكثر من 60 في المئة من البرازيليين يرغبون في رحيلها. وسيخلف روسيف خلال محاكمتها، نائبها ميشال تامر (75 سنة)، الذي زعزع حكمها بعدما سحب «حزب الحركة الديموقراطية» الوسطي الذي يتزعمه من الائتلاف الحكومي، إذ اتهمها بمعاملته بازدراء وكأنه «نائب رئيس صوري». لكن فضيحة فساد «بتروبراس» تعصف بحزبه أيضاً، كما أن شعبيته لا تتجاوز 1 في المئة، ويؤيد 60 في المئة من البرازيليين عزله أيضاً، كما أنه مُتهم بخرق قانون تمويل الحملات الانتخابية. واتهامات الفساد تلاحق أيضاً رئيس مجلس الشيوخ رينان كالهيروس، وأطاحت الرئيس السابق للبرلمان إدواردو كونيا. كما أعلنت المحكمة العليا أنها سمحت بفتح تحقيق في فساد ضد السيناتور إيسيو نيفيس الذي هزمته روسيف في انتخابات الرئاسة عام 2014. واختارت صحيفة «كاريوكا أو ديا» التلاعب على الاسم الكامل لتامر، وهو ميشال ميغيل الياس تامر لوليا، وعنونت «الآن لدينا لوليا»، مذكِّرة بحقبة لولا (2003- 2010). ونددت السيناتور غليسي هوفمان، الرئيسة السابقة لمكتب روسيف، بعقاب «مبالغ به»، وزادت: «الأمر أشبه بعقوبة على مخالفة مرور بالإعدام». لكن السيناتور جوزيه سيرا الذي قد يُعيّن وزيراً للخارجية، رأى أن «الإقالة علاج مرّ، ولكن لا بد منه. بقاء حكومة روسيف كان مأساة أكبر».