في ما بدا أنه رفض لمطالب قوى المعارضة في مصر بتعديل الدستور، أكد الرئيس حسني مبارك أن الدستور والمؤسسات ضمان الاستقرار في البلاد، مشدداً على سعي الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم إلى «ترسيخ الديموقراطية». ورفض مبارك ضمناً دعوات التغيير قائلاً: «نتعامل مع قضايا الداخل والخارج برؤية وطنية واضحة، لا نلتفت إلى حملات التشكيك». وكان مبارك يتحدث خلال اجتماع عقده مع الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الذي يرأسه ضم أعضاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) في حضور رئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف ورئيس مجلس الشورى الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف. وهو الاجتماع الذي جاء بعد اكتمال تشكيل المجلس الجديد بإصدار مبارك قراراً بتعيين 44 عضواً في المجلس بعد انتخاب 88 عضواً. والتقى مبارك أمس النائبات في مجلس الشورى من أعضاء الحزب الوطني. وقال مبارك في كلمته خلال الاجتماع إن الحزب الوطني حقق أهدافه في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى. وأوضح أنه طلب دراسة دقيقة عن أداء الحزب في انتخابات مجلس الشورى بهدف تقويم الأداء والالتزام الحزبي خلالها، استعداداً للانتخابات المقبلة لمجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) أواخر العام الحالي. وقال: «بدأ الحزب بالفعل الاستعداد لانتخابات مجلس الشعب، ولا بد من أن نكون جاهزين ببرنامج طموح نخوض به هذه الانتخابات». ودعا أعضاء الشورى إلى التكامل والتنسيق مع أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب في مجلس الشعب «من أجل الدفاع عن مواقف وسياسات الحزب في كلا المجلسين». وأضاف مبارك: «نسعى إلى ترسيخ ديموقراطيتنا وتدعيم أركانها، ونشر ثقافتها والارتقاء بممارساتها، وأدعو الحزب الوطني وكافة الأحزاب وكل المصريين إلى المشاركة الفاعلة في تحقيق هذا الهدف المشترك، لشعب ينشد المستقبل الأفضل وإن تعددت الرؤى حول الطرق المؤدية إليه». وأكد أن الحزب الوطني لديه برنامج طموح يمضي في تنفيذه ويتعامل مع قضايا الداخل والخارج برؤية وطنية واضحة. وقال: «لا نلتفت إلى حملات التشكيك، نصون سيادة الوطن واستقلال إرادته ونعلم أننا على الطريق الصحيح (...) نمضي نحو المستقبل بثقة وتفاؤل، موقنين أن دستورنا ومؤسساتنا هي ضمان الاستقرار على الطريق إليه». خارجياً، قال مبارك إن الحزب يدرك «أبعاد الوضع الإقليمي في منطقتنا» ويتحرك بدور فاعل لمواجهة ما يطرحه من أزمات وتهديدات ومخاطر، مضيفاً: «نتعامل مع تشابك وتعقيدات الموقف على الساحة الفلسطينية وفي منطقة الخليج، ونواصل الحوار مع شركائنا في دول حوض النيل لتحقيق أمن مصر القومي ومصالحها العليا وبما يضمن لشعبنا إمدادات المياه والطاقة والأمن الغذائي، ويحمي أبناءنا من مخاطر الإرهاب». وأكد أن القضية الفلسطينية وقضية السلام تظل على رأس أولويات السياسة الخارجية لمصر. موضحاً أن بلاده تعمل جاهدة لرفع الحصار الإسرائيلي عن غزة وترفض محاولات إسرائيل، قوة الاحتلال، التنصل من التزاماتها إزاء القطاع وتحميلها لمصر كما ترفض تكريس الانقسام الراهن بين غزة والضفة الغربية، وتتمسك بأنهما يمثلان معاً أرضاً محتلة، تقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وأضاف مبارك: «نأسى لاستمرار انقسام فلسطيني مؤسف، يدفع ثمنه شعب فلسطين، يضاعف معاناة هذا الشعب الصابر، ويضيع قضيته وتطلعه لدولته المستقلة، ويقسم أراضيه المحتلة ما بين ضفة وقطاع». ووافقت الهيئة البرلمانية لمجلس الشورى بالإجماع في الاجتماع على ترشيح صفوت الشريف لرئاسة مجلس الشورى لفترة جديدة، كما وافقت على ترشيح المستشار عبدالرحيم نافع وأحمد العماوي وكيلين للمجلس. في غضون ذلك، شن صفوت الشريف هجوماً حاداً على دعاة التغيير، ووصفهم بأنهم «مبتدئون وحاملو أجندات مستوردة وورثة وبقايا دعاة الفوضى الخلاقة». وتعهد التصدي لهم خلال انتخابات مجلس الشعب. وقال الشريف في كلمته خلال القاء مع الرئيس مبارك إن «المصريين يزدادون كل يوم تمسكاً بقيادة الرئيس مبارك وبحكمته ليظل قارب الوطن بقيادته يشق طريقه إلى شاطئ الأمان». وأوضح أن الحزب الوطني كان على ثقة في تحقيق الفوز في انتخابات الشورى. وأضاف: «كالعادة في كل الدينا تعلو أصوات غير الموفقين اعتراضاً والفاشلين صراخاً ويبحث كل معارض عن ثغرة هنا أو هناك ليتشنج رفضاً»، في إشارة إلى شكاوى قوى معارضة خصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين» من تضييق على مرشحيها في الانتخابات وادعاءات بتزوير نتائجها. واعتبر الشريف أن هؤلاء «قلة تدرك منذ البداية أن الفوز لن يكون من نصيبهم، وأن رأي الشعب هو الغالب». ورأى أن «هذه الانتخابات كشفت كل مناورات الالتفاف حول مصالح الوطن، وكشفت عن أصوات غير عابئة بالحفاظ على سيادة الوطن وأناس أسقطتهم طموحاتهم في بئر صناعة الأزمات وإثارة الفتن، وأعمتهم مصالحهم عن مسيرة حافلة لتحقيق الإصلاح وبناء صروح التقدم والانحياز إلى حقوق الناس». ووجه الشريف حديثه للرئيس مبارك قائلاً: «إن الشارع معك في ضرب الفساد، والحزب كله يفخر بتدخلك وحزمك، ويتحسر الناس على سباق محموم للإساءة لسمعة مصر»، مضيفاً أن الشارع «يعرف ويقدر ويتمسك بحرية الرأي والتعبير، وفي الوقت نفسه يرفض التجاوز واستمرار الوقفات الاحتجاجية»، مشيراً إلى أن «النواب لمسوا أن هناك من يحاول استغلال حماسة الشباب وتبني الدعوة إلى الخروج على الشرعية والخلط بين الدين والسياسة والاستقواء بالخارج وكان على النواب في مؤتمراتهم أن يكشفوا زيف دعاوى المبتدئين وسوء الختام لحاملي الأجندات المستوردة ورثة وبقايا دعاة الفوضى الخلاقة وكان على الحزب أن يتصدى لأصحاب الشعارات الزائفة وطرح الحقائق المؤكدة». وأضاف أن الحزب يستعد لانتخابات مجلس الشعب وسيكون فيها «أكثر قوة للتصدي لهؤلاء دون تجاوز عن قيم ومبادئ الديموقراطية».