1 يولد الإنسان ب «ورقة»، ويموت بورقة، ولا يدفن إلا بورقة. وبين الولادة من التراب إلى الدفن في التراب يحصل الإنسان على «اسمه» في الحياة بورقة، ويثبت مؤهله التعليمي بورقة، ويتوظف بورقة، ويتزوج بورقة، ويطلّق إن أراد أن يصحح غلطته! بورقة، وينجب ولداً بورقة يتناسخها الأولاد من ورقة ولادة أبيهم الأولى، لتكتمل بها دورة الإنسان «الورقي». ويتساءل الواحد منا أحياناً: كيف كان الناس يعيشون في عصور ما قبل الورق..!؟ لكنه يتساءل كثيراً: كيف يمكن أن تنطلي دعوات «الكوفيين»، وهم جماعة متكاثرة خرجت علينا من رحم (ستيفن كوفي) صاحب العادات السبع والعشر والمئة للمدير الناجح، بإمكانية العيش في حياة بلا ورق ..!؟ حضر صديقي دورة في «التخلص من الورق»، وفي نهاية الدورة وزع عليهم المحاضر «الكوفي» رزمة من الأوراق فيها إرشادات «صادقة» عن كيفية التخلص من الورق ..!! 2 وحين يوصف الإنسان بأنه كائن ورقي، فإن هذا لا يغفلنا عن الإنسان الحديدي (السوبرمان) عند نيتشه، أو عن الإنسان الخشبي عند سرفانتس، فهذه تحولات طارئة واستثنائية من القوة والضعف تطال حالات مخصوصة، لكن الإنسان في عمومه يبدأ ورقياً وينتهي ورقياً. 3 يستخدم الإنسان في وسائل إيضاحه عادة أحد ثلاثة عناصر أساسية: الورق أو الزجاج أو الحديد. ولو تمعنا قليلاً في خصائص كل منها، لوجدنا أن الورق هو الأكثر قرباً وتشابهاً مع الإنسان، فالورق أصله كائن حي، يتكاثر ويشرب الماء ويهرم ويموت في أصله. ثم إنه كالإنسان .. سهل الطي والتشكل، كما أنه يتلون بسرعة! لذا يمكن دراسة الإنسان بوصفه «كائناً ورقياً» يمكن الكتابة على صفحة قلبه بسهولة، كما يمكن مسح ما هو مكتوب في ذاكرته بسهولة أيضاً، كما أنه خفيف كالورق يميل حيث الرياح به تميل! الإنسان كائن ورقي .. لسانه القلم، ولعابه الحبر! * كاتب سعودي. [email protected]