قبل 60 يوماً من لبسه عباءة «الزفاف الثالث» في عيد الفطر المقبل، تزين أمس (الثلثاء)، العريف سعيد الحارثي بكفن الشهادة الأبيض، وهو يدفن في مسقط رأسه في محافظة ميسان، بعد حياة سطر فيها البر بالوالدين وحماية الوطن، حتى آخر ثانية من عمره. وفيما كان ذووه ينتظرون معانقته في ليلة العمر المنتظرة، حملوه ظهر أمس إلى منزله الأخير، مفاخرين بشهادته، التي أتت بعد حماية دينه ووطنه، وإحباطه لعمل إرهابي استهدف مقره الأمني، الذي حرسه منذ أعوام بالليل والنهار، ووقف أمام بابه حامياً ومدافعاً، حتى استشهاده ليلة السبت الماضية، أثناء عمله خفيراً بمركز حداد بني مالك، جنوب محافظة الطائف. الشهيد الحارثي دُفن بعد 24 ساعة فقط من اقتصاص الجهات الأمنية لدمه من غدر الإرهابي محمد المالكي، المتسبب في مقتله، بعد أن باغته بطلقات نارية عدة. وشارك في التشييع والدفن محافظ ميسان ومدير شرطة الطائف، وعدد من رجال الأمن، ونحو 500 من أهالي المنطقة. وكانت الجهات الأمنية في الطائف أنهت فصول ملاحقة الإرهابي محمد المالكي، بقتله بعد 72 ساعة، تحصن فيها بمنطقة جبلية بقرية ثقيف، بعد أن تورط في مقتل رجلي أمن في مركزين أمنيين، جنوبالطائف وميسان. وفي أطهر بقعة على وجه الأرض (المسجد الحرام)، كانت صلاة الظهر أمس، الصلاة الأخيرة التي يحضر فيها الشهيد العريف خلف الحارثي للحرم المكي ليس مصلياً، بل مصلّىً عليه، بعد أن كفن بوشاح «البياض»، لينال شرف المكان، وتمنحه «الشهادة» شرف الزمان. الشهيد الحارثي ذهب ضحية الإرهاب، بعد 27 عاماً قضاها في خدمه دينه ووطنه، وترك خلفه زوجتين وتسعة من الأبناء والبنات، يرون والدهم قدوة في حياتهم الخاصة، ويرفعون بشهادته رؤوسهم، كأبناء شهيد دفع حياته لحماية وطنه من إرهاب يستهدف أمنه واستقراره منذ أعوام. وكان الشهيد البالغ من العمر 49 عاماً، استشهد الخميس الماضي، بعد تعرضه لهجوم مجهولين يرتدون ملابس عسكرية، باغتوه خلاله بطلقات نارية، استشهد على إثرها فوراً، قبل أن تتمكن الجهات الأمنية من قتل أحدهم (محمد المالكي) في جبال ثقيف، بعد حصار استمر ثلاثة أيام، انتهت بمقتله، بعد رفضه تسليم نفسه.