حافظت الجلسة النيابية العامة في يومها الثاني على الطابع التشريعي التي اتسمت به أول من أمس، بعيداً من الصخب السياسي المعتاد. ونال مياومو كهرباء لبنان ما كانوا يصبون إليه، عبر تسوية تم التوصل إليها في جلسة الأمس، فيما ستسلك سلسلة الرتب والرواتب طريقها من اللجان النيابية المشتركة التي ستجتمع غداً لإنهاء الأرقام والواردات والضرائب وتحيلها إلى الجلسة العامة التي حدد موعدها الرئيس نبيه بري يومي الأربعاء والخميس المقبلين بالتفاهم مع رئيس الحكومة تمام سلام. وأقر المجلس في جلسته أمس 12 مشروعاً واقتراح قانون، ليصبح العدد الإجمالي 33 مشروعاً واقتراح قانون. وكان المجلس النيابي استأنف الجلسة التشريعية في جولة ثالثة عقدت قبل ظهر امس برئاسة بري وحضور سلام والوزراء، وأشار بري في مستهلها إلى طرح البند المتعلق بعمال مؤسسة كهرباء لبنان والاقتراح الرامي إلى ملء الشواغر في المؤسسة عن طريق مباراة محصورة بالعمال غب الطلب وجباة الإكراء بحسب حاجاتها ووفقاً للصيغة التوافقية التي تم التوصل إليها. وذكّر بري «بالتصويت على القانون وما رافقه، وكانت هناك مشكلة، ما اضطرنا إلى إعادة النظر في التصويت وبما استجد من تلك الفترة وحتى اليوم». وطُرحت المادة الأولى، ثم الثانية، وتم الإبقاء فيها على «ألا يتجاوز عمر المتباري 56 عاماً». وكان جدال في المادة الثانية أيضاً حول التاريخ. وطلب النواب سامر سعادة ونديم الجميل وخضر حبيب وألان عون وعباس هاشم وجورج عدوان ومحمد الحجار ضم مستخدمي كهرباء قاديشا وشملهم في القانون. أما النائب سامي الجميل، الذي سأل عن سبب عدم وجود وزير الطاقة في الجلسة، فاقترح أن «يتم تسجيل ذلك في المحضر». بري: «نتمنى عدم تسييس هذه القصة، الاقتراح ينص على مستخدمي كهرباء لبنان». وأثار النائب سمير الجسر موضوع مستخدمي شركة كهرباء قاديشا، لافتاً إلى أن «من المفروض أن الذين يعملون في قاديشا هم لمصلحة كهرباء لبنان وليس لقاديشا، والمفروض إدخالهم في القانون». وقال النائب علاء الدين ترو: «كهرباء لبنان أعطت أسماء من يعمل فيها، فلا يتشاطرن أحد على أحد»، فرد بري: «هذه قصة لبنانية لا شيعية ولا سنية ولا مسيحية. هذا الأمر يشمل كل من لديه الصفات نفسها من مياومين، سواء أكانوا في قاديشا أم في غيرها». واقترح النائب هادي حبيش وضع عبارة «العاملين». سامي الجميل بصوت مرتفع: «لتدوين العاملين في قاديشا بالمحضر». بري: «ليه عم تعيط (تصرخ) عليّ». الجميل ضاحكاً: «مين بيسترجي يعيط عليك دولة الرئيس». بري: «لوضع النص الآتي في المحضر، وهو: ندون باسم المجلس النيابي ككل، أن هذا القانون يشمل كل من تقع عليه صفات المياومين أو الصفات الواردة في القانون أو عامل في كل المناطق، بما في ذلك قاديشا». وأثار بري مسألة سن المتبارين، فعدل موضوع تسديد التعويض ليصبح شهرين بدل شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة الفعلية لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان من الذين تتجاوز أعمارهم ال 56. وسأل النائب أحمد فتفت: «لماذا يتم استثناء المنتسبين الى الضمان الاجتماعي أو سائر الهيئات الضامنة الحكومية؟». وصُدقت المادة السابعة معدلة. ثم طُرحت الثامنة، وطرح الاقتراح على التصويت فصُدق. وقد بدا هذا المشروع هماً ثقيلاً على بري، إذ وضع كلتا يديه على رأسه وقال فور التصديق عليه: «أوف خلصنا من هالموضوع». السنيورة: خلافاً للقواعد وطرح اقتراح القانون الرامي إلى تثبيت الكتّاب بالعدل، وتم نقاش حول كيفية تثبيت موظفين من دون مباراة ليصبحوا كتّابا بالعدل. واقترح وزير العدل أشرف ريفي إجراء مباراة. وفي مداخلة للرئيس فؤاد السنيورة تحدث فيها عن تقديم اقتراحات «خلافاً للقواعد التي كلها تأكل من هيبة الدولة»، وقال: «علينا إيجاد حل، لكن ليس بالخروج من الواقع وبأن نفصّل لكل شخص قانوناً على قياسه. الاقتراح الذي تقدم به الوزير ريفي يُخضع كل شخص للمباراة»، معتبراً أن «الإعفاء من المباراة أمر لا يجوز على الإطلاق»، داعياً إلى «إخضاعهم لمباراة كما يخضع لها الكتّاب بالعدل مع إعفائهم من شرط السن، وخلاف ذلك هو ضد الدولة وضرب لهيبتها وللمستوى العلمي». وقال الوزير نبيل دوفريج: «المفروض إجراء مباراة مفتوحة لا محصورة، مع إعطائهم الأفضلية». بدوره، قال الوزير بطرس حرب: «هؤلاء موظفون في وزارة العدل، ومنهم من رُقِّي، ومنهم من كان كاتباً بالعدل وهناك إجحاف في حقهم». ودعا إلى «إجراء مباراة، على أن نعطي كل سنة الأفضلية وأن نعوض عليهم». وقال ترو: «هؤلاء أشخاص لديهم الشروط نفسها ولديهم خبرة أكثر، ولا نكلف الدولة شيئاً إذا تم إقرار الاقتراح». أما النائب غسان مخيبر، فقال: «السؤال هل هناك حاجة؟ المشكلة هي وجوب المباراة، هؤلاء موظفون في وزارة العدل مكلفون في المحاكم. يجب رده أو إعادته إلى لجنة الإدارة والعدل». ورأى النائب حسن فضل الله أنه «لو كان هناك انتظام في الدولة لما كان لدينا شواغر»، معتبراً أن الاقتراح «أُشبع درسا في اللجان»، داعياً «للسير به وإنصاف هؤلاء». وقال وزير العدل: «هناك تسعة غابوا عن الامتحانات ونجح واحد، و3 رسبوا، مقترحاً إجراء مباراة». واقترح عدوان «الحفاظ على المباراة، وإذا ارتأى وزير العدل إعطاء أقدميات معينة نكون قد سرنا بالمسار الصحيح». وقال النائب الجسر: «هناك شغور، ونحل هذه المشكلة بإجراء مباراة». وتحدث فتفت عن «ابتزاز في صندوق تعاضد الكتّاب بالعدل»، لافتا إلى «وجود تنافس على قضايا مادية لا في المهنة». ودعا إلى «إجراء مباراة محصورة مع الأخذ في الاعتبار القدامى منهم». وأكد النائب مروان حمادة أن «كل الاقتراحات والمشاريع هي للملمة أوضاع متهالكة، أصبحنا نوابَ صيانة الدولة، بالنسبة إلى المياومين وجدناه جيداً وهددونا بقطع الكهرباء، وكنا مع النساء في حمايتهم من العنف الأسري، وأقررنا القانون ولم يعجبهن وما زلن يسببننا، المطلوب أن نتعاطى مع هؤلاء كما تعاطينا مع الأسلاك الأخرى، ويجب إجراء مباراة محصورة لحل المشكلة»، داعيا إلى التصويت عليه. وبعد مطالبة النائب حبيش ب «إعطاء مجال حتى يوم غد للإتيان باقتراح معدل»، وشكل بري لجنة مؤلفة من الوزير ريفي والنواب الجسر، نوار الساحلي، عدوان ونديم الجميل، على أن تضع نصاً موحداً لتأتينا به خلال الجلسة وهذا ما حصل فتم التصديق عليها لاحقاً». وأقر قانون يقضي بجعل إجازة الأمومة 10 أسابيع، أي 70 يوماً بدلاً من 40، الأمر الذي وصفه سامي الجميل بأنه «إنجاز كبير وتقدم مهم جداً على صعيد التشريع اللبناني». التهرب من الضرائب واستحوذ القانون المتعلق بإعفاء الطوائف والأشخاص المعنويين التابعين لها من الضرائب والرسوم (على المؤسسات والمدارس والعقارات المؤجرة)، على نقاش مستفيض، وتركزت المداخلات على ضرورة ألا يشمل الإعفاء المؤسسات التي يتوخى منها الربح، خصوصا أن جزءاً كبيراً من حجم العقارات والمؤسسات ممسوكة من الطوائف، على ما قال بري. حمادة: «مع احترامي لكل الطوائف، إذا أبقينا على الموضوع الأساسي الذي يعني النشاطات التي لا تتوخى الربح، وإذا ما طلعنا منها نكون خربنا الطوائف». وقال وزير المال علي حسن خليل: «نحن اليوم فتحنا الباب، إعفاءات لجزء كبير من حجم عملنا، هناك جزء كبير من حجمنا هو مع الطوائف، هناك إمكانية واسعة لاستغلال هذا القانون، وهناك إمكانية للتهرب من الضرائب وحرمان الدولة موارد كبيرة في هذا المجال». وهنا طلب بري «وضع نص يحدد الغاية وينظم موضوع ال «T V A». وقال: «ما يطبق على المسلمين يطبق على المسيحيين». واشار بري إلى السعي لإقرار سلسلة الرتب والرواتب في اللجان النيابية، فإذا انتهت منه أنا على استعداد لتكون على جدول أعمال الجلسة التشريعية الأسبوع المقبل. وسأل الرئيس سلام رأيَه في ذلك، فاجاب: «اللي بريحك يا دولة الرئيس». بري: «أعتبر أن هيئة مكتب المجلس الحاضرة في الجلسة موافقة منذ الآن على إدراجها في الجلسة المقبلة». وأعيد إلى لجنة الصحة اقتراح القانون المتعلق بتنظيم ممارسة مهنة الطب، إذ اكد بري بعد مطالبات النواب بأن يُجري الأطباء قبل ممارسة المهنة امتحانات خطية وشفهية وسريرية، لأن هذا الموضوع مهم ويتعلق بالصحة، «ولأننا نريد طبيباً إنسانياً لا طبيباً بيطرياً». ولدى طرح قانون متطوعي الدفاع المدني، طلب وزير الداخلية نهاد المشنوق مهلة أسبوعين لدرسه، اذ يكون جاهزاً خلال هذه الفترة ليبت به. ورد النائب نواف الموسوي، بأن «لا مبرر للاستمهال، إذ إن القانون أُشبع درساً بمشاركة الوزير المشنوق حين كان عضواً في اللجنة التي درسته، لذلك علينا إقراره وإنصاف المتطوعين، وبهذا نكون ندافع عن مصالح اللبنانيين». بري: «لدينا الأسبوع المقبل، القانون يبقى على الجدول أسبوعاً، اتفقنا الأربعاء الخميس على الجلسة». وتمنى السنيورة «أن يتفهم الجميع حال العجز والدين العام الذي وصلنا إليه». وطرح اقتراح القانون المتعلق برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وتحويل سلاسل رواتب موظفي الملاك العام وأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية وتعديل أسس احتساب معاشات التقاعد وتعويضات الصرف من الخدمة وإعطاء زيادة غلاء معيشة للمتعاقدين والأجراء والمتقاعدين. وتلا بري قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على اقتراح القانون والكلفة 23 بليون و800 مليون ليرة ( فروقات الرواتب). وفيما اعترض السنيورة على الاقتراح. قال سلام: «هناك جانب له علاقة بحقوق الناس، واخر له علاقة بقدرة الدولة على تحمل الاعباء وفي ظل الكثير من المناقشات يظهر ان وضع الدولة لا تحسد عليه وليست بقرة حلوب كما يصور وبالتالي وحسما لهذا الموضوع، كون هناك وجهت النظر ادعو الى التريث لاجل الاستيضاح اكثر حول مفاعيل هذا الاقتراح. وارجئ الاقتراح الى الجلسة المقبلة. وكانت الساعة تشير الى الثانية والثلث حين اعلن بري رفع الجلسة الى العاشرة والنصف من صباح اليوم. ما حدا ببعض النواب الى طلب تاجيلها للاسبوع المقبل فاصر بري على عقدها اليوم وعقب قائلا: «بدي عوض الخسائر».