أدى الخلاف النيابي على إقرار اقتراح قانون تثبيت المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان بمباراة محصورة ينظمها مجلس الخدمة المدنية في الجلسة النيابية أول من أمس، الى فرز سياسي وطائفي أمس اختلطت فيه مواقف أطراف في الأكثرية الموالية مع مواقف قوى في الأقلية المعارضة، وقررت الكتل النيابية المسيحية في الجانبين مقاطعة الجلسة النيابية التي كان يفترض استكمالها أمس، ما دفع رئيس البرلمان نبيه بري الى إعلان تأجيل عقد البرلمان لسبب ميثاقي سياسي. وإذ انعكس الخلاف ومقاطعة الكتل المسيحية لجلسة البرلمان على جلسة مجلس الوزراء التي كان يفترض أن تُعقد عصر أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فقاطعها وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي برئاسة العماد ميشال عون العشرة وتعذر التئامها بفعل غياب وزير المهجرين علاء ترو عنها وبالتالي عدم تأمين نصاب الثلثين، فإن عون رأى أن هذا الخلاف «ربما يؤسس لحالات سياسية جديدة»، لكنه حيّد «خيار المقاومة لأنني مؤمن به» عن الخلاف السياسي الداخلي. وطغى الفرز السياسي الطائفي الناجم عن هذا الخلاف، لأن الكتل التي قاطعت الجلسة النيابية هي تكتل عون وكتلتا نواب «حزب الكتائب» و «القوات اللبنانية» وبعض النواب المسيحيين المستقلين في المعارضة، على ما عداه من القضايا السياسية والأمنية الشائكة التي تشغل الوسطين السياسي والرسمي. وحقق هذا الفرز تلاقياً نادراً بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في توجيه الانتقادات الى أداء الرئيس بري في إدارة جلسة أول من أمس التي أقر فيها اقتراح قانون نيابي بإجراء مباراة محصورة لتثبيت المياومين، بعد أن كانوا اعترضوا على إصراره على تصديق بعض المواد فيه، معتبرين أنه لم يحتسب عدد النواب الذين صوتوا لمصلحة إقرارها بدقة، متجاوزاً تلك الاعتراضات. وهو ما طرح وجوب اعتماد أسلوب التصويت الإلكتروني بدل رفع الأيدي. وفي موازاة الاعتراض على أداء بري في الجلسة الذي أثار انزعاج الأخير في لقاء تشاوري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وعدد من النواب قبل تأجيله الجلسة النيابية، قالت مصادر نيابية إن هناك اعتراضاً مسيحياً على خضوع المياومين جميعاً لمباراة التثبيت (زهاء 2500 موظف) حوالى 2791 وظيفة شاغرة ستتولاها شركات تقديم خدمات الكهرباء والجباية، فيما يقترح وزير الطاقة جبران باسيل أن تجرى المباراة ل700 مياوم... هو عدد الموظفين الذين تحتاجهم شركات تقديم الخدمات. وتبين أن في ال2500 مياوم خللاً كبيراً في التوازن الطائفي لمصلحة المسلمين. وقال عون إن «لا أحد يستطيع فرض قرارات خاطئة علينا... وهذا القانون لن يمشي لأنه لم يتم التصويت عليه». واعتبر أن ما حصل أول من «ليس فيه احترام للأداء البرلماني ورئيس البرلمان نحترمه ونحبه، لكن عندما يريد إعطاء رأيه يسلم نائب الريس ويتكلم كنائب ولا يمنع وزيراً ويقاطعه عن الكلام». أما جعجع فأشار الى «احترامنا لرئيس المجلس، لكن الأمور في البرلمان تتم بشكل غير مقبول»، معتبراً أن «التصويت على اقتراح القانون كان ملتبساً»، ومؤكداً أن «هذا سبب مقاطعتنا الجلسة». وقال النائب سامي الجميل إن «التصويت تم من دون تصويت»، مشيراً الى أن المسيحيين «قادرون على أن يجتمعوا عندما يمس الأمر بكرامتهم ونريد تصحيح إدارة الأمور». وفيما أجّل بري الدعوة الى جلسة ثانية، وأكد النواب أن محضر الجلسة النيابية لم يصادق عليه لا من الهيئة العامة ولا من هيئة مكتب البرلمان، ما يعني أن القوانين التي أقرت لا يمكن تحويلها على رئيس الجمهورية ليوقعها، فإن مصادر نواب عون أكدت أنه إذا جرى إصدار قانون المياومين «سنطعن به أمام المجلس الدستوري». لكن نواباً آخرين أشاروا الى أن للرئيس سليمان صلاحية طلب إعادة النظر بالقانون وفق المادة 57 من الدستور، وأن للأخير ملاحظات عليه لكنه ينتظر إحالته عليه ليقرر الموقف المناسب. وفيما سيجري فؤاد السنيورة اتصالات مع كتلتي «القوات اللبنانية» و «الكتائب» للتشاور في المخرج، فإن مجلس الوزراء لن يُعقد في جلسة كانت مقررة اليوم في انتظار الاتصالات لإيجاد مخارج للخلاف. وكان عون كلّف باسيل الاتصال بميقاتي لإبلاغه أن قرار مقاطعة مجلس الوزراء لا يعني وجود مآخذ على الحكومة بل اعتراض على إدارة الجلسة النيابية. ويأمل كبار المسؤولين بإيجاد مخرج للخلاف في الإطار النيابي.