استطاع الطقس الذي وصل في السعودية إلى درجات حرارة «قياسية» خلال الأيام الماضية ابتلاع نصف حياة الشباب السعودي. فعلى رغم أن أياماً قليلة ما زالت تفصل السعوديين عن دخول فصل الصيف بحسب مصلحة الأرصاد وحماية البيئة السعودية، تجاوزت درجات الحرارة 50 مئوية في مناطق عدة في المملكة. وأصبح معتاداً خلال الأسبوعين الماضيين في العاصمة الرياض وفي المنطقتين الشرقية والغربية، رؤية الرقم 5 ساطعاً في خانة العشرات في مقياس درجة الحرارة في السيارات. درجات الحرارة «غير المسبوقة» بحسب ما يدور في مجالس السعوديين، عطلت جزءاً كبيراً من حياة الناس، خصوصاً الشباب الذين اعتادوا الخروج للغداء أو الدوران بسياراتهم. فمكيفات السيارات لم تعد تستطيع تأمين برودة كافية في هذا الطقس الملتهب. في جدة مثلاً، أصبح الذهاب إلى البحر ليلاً أو نهاراً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. فالجلوس في الأماكن المفتوحة يحتاج إلى صبر أيوب في الحالة الاضطرارية، فكيف إن كان الأمر للتنزه. محلات ال «جت سكي» وتأجير القوارب بدأ يعلوها الغبار بعد أن عزف الشباب السعودي عن الذهاب إلى البحر لقضاء أوقات الفراغ بممارسة هواياتهم المفضلة. كذلك الأمر بالنسبة لسائقي الدراجات النارية الذين اعتادوا الدوران في الشوارع على شكل قوافل أو «عصابات» الأفلام الأميركية، هجروا دراجاتهم ليعودوا إلى سياراتهم لعل مكيفاتها تستطيع حمايتهم من قيظ الصيف المبكر. وعلى رغم أن أصحاب الدراجات دفعوا مبالغ باهظة في سبيل الحصول عليها، والتمتع بقيادتها في شوارع جدة، استسلموا للأمر الواقع. ويعلق سيف أبوهليل قائلاً: «لم يعد باستطاعتنا ممارسة هوايتنا بالتجول بالدراجة النارية في الشوارع الرئيسة لمدينة جدة، مع ارتفاع معدلات درجات الحرارة ما أجبرنا على استخدام السيارة في تنقلنا». ويقول محمد عسيري الذي اعتاد استخدام الدراجة النارية في جميع تحركاته عوضاً عن السيارة: «منذ ما يقارب العامين وأنا استخدم الدراجة النارية كوسيلة نقل طول اليوم، ولكن أجبرني ارتفاع درجات الحرارة إلى عدم استخدمها وخصوصاً عند الذهاب لعملي، وأصبحت استعين بصديقي لذهاب والعودة من العمل معه بسيارته». ويشير محمد إلى أن استخدامه الدراجة النارية أصبح محدوداً وخلال الفترة المسائية: «لم يعد باستطاعتي استخدام الدراجة لتتنقل إلا في أوقات معينة في المساء وعندما يكون الجو لطيفاً بعض الشيء». ويتابع: «أفضل البقاء في المنزل بدلاً من الخروج وسط الحرارة والرطوبة الشديدتين». لا يختلف بندر التونسي عن ابوهليل وعسيري، إذ أسهم ارتفاع درجات الحرارة في الفترة الأخيرة في عدم مشاركته أصدقاءه رحلات التجول والسفر من مدينة إلى أخرى كفريق دراج. يقول: «مع ارتفاع درجات الحرارة يصعب استخدام الدراجة، خصوصاً أن استخدمها يتطلب لبس «الجاكيت» الخاص بالأمان والخوذة، والتي يصبح من المستحيل وضعها في جو قائظ». ويلفت إلى توقفه عن ممارسته هذه الهوية التي كان يقضي نحو ثلاث ساعات يومياً في ممارستها، لحين انتهاء فصل الصيف. والوضع في الرياض مشابه جداً، لكن الطقس يتميز بالجفاف الشديد، وموجات الغبار التي تعتبر عائقاً إضافياً في وجه كل من تسول له نفسه الخروج نهاراً.