باغت الاستبعاد المفاجئ لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو المستثمرين وأثار خوفهم من تعزيز النزعة التدخلية للرئيس رجب طيب أردوغان. وعلى رغم استعادة الليرة التركية بعض الأنفاس أول من أمس، ما زالت تعاني من تبعات الاضطرابات السياسية، إذ سجلت الهبوط الأكبر في يوم واحد أمام الدولار بلغ 4 في المئة، في مؤشر إلى قلق الأسواق. وبلغ سعر العملة التركية أول من أمس 2.90 ليرة مقابل الدولار، مقارنة ب2.85 قبل الأزمة السياسية الأخيرة. ولطالما شكل ثبات الفريق الحاكم، خصوصاً بعد الفوز الكبير لحزب «العدالة والتنمية» في انتخابات 1 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي التشريعية، عامل استقرار للاقتصاد التركي الذي عانى من تبعات سلسلة الهجمات المنسوبة إلى تنظيم «داعش» والأكراد، والتي أبعدت الكثير من السيّاح والمستثمرين. ولكن مع الإعلان عن رحيل اوغلو الوشيك، «عادت السياسة لتشكّل عامل خطر كبيراً على الليرة»، وفقاً لمصرف «رابوبنك» في مذكرة إلى الزبائن. وأعلن أوغلو عقد مؤتمر استثنائي في 22 الجاري لحزب «العدالة والتنمية» الذي يرأسه، مؤكداً امتناعه عن الترشح لولاية جديدة، ما يمهّد لمغادرته رئاسة الوزراء المناطة دوماً برئيس الحزب الحاكم. وفي سعي إلى الطمأنة، قال أوغلو في خطاب: «يجب ألا يمس أحد بالتوازن الاقتصادي، فالثقة والاستقرار باقيان». وبالفعل، سجلت بورصة اسطنبول أول من أمس ارتفاعاً طفيفاً نسبته 0.39 في المئة لتبلغ 79.689 نقطة، بعد تراجعها 2.1 في المئة عند الافتتاح. واعتبر «رابوبنك» أن رحيل أوغلو، الذي يعتبر «أكثر اعتدالاً بكثير» من أوردغان، «سيلحق عواقب خطيرة بالليرة والأصول التركية». وتخشى الأسواق أن يعزز أردوغان تدخله في مسار الأعمال الاقتصادية، علماً أن دعواته المتكررة للبنك المركزي لخفض الفوائد أربكت المستثمرين. وقال كبير اقتصاديي مكتب «بي سي جي بارتنرز» اوزغور التوغ لوكالة «فرانس برس» إن «الشعور بأن رجلاً واحداً يحكم البلاد سيتعزز لدى المستثمرين». ويسعى اردوغان إلى تعزيز سلطاته عبر دستور جديد يُرسي نظاماً رئاسياً، ما قد يتحقق إن كان خلف اوغلو أكثر تماشياً مع توجهات الرئيس. وأضاف التوغ: «نظراً إلى استنفاد الحكومة طاقتها كاملة في مسائل سياسية كإنشاء نظام رئاسي، ستتباطأ عملية الإصلاحات». وفيما يفترض أن يكون الرئيس التركي في موقع واحد إزاء كل الأحزاب، ما زال في الواقع يُمسك زمام حزب «العدالة والتنمية» الذي أسسه عام 2001 ويضم الكثير من المخلصين له. ويُتداول اسما وزير النقل بينالي يلديريم، رفيق درب اردوغان، ووزير الطاقة الشاب بيرات البيرق (38 سنة) المتزوج من إسراء ابنة الرئيس، كخليفتين محتملين لأوغلو، من بين أسماء أخرى. ولكن لدى أوغلو الكثير من الحلفاء في الحزب، وقد يثير أي صراع على السلطة حالياً عواقب وخيمة على تركيا، الشريك الرئيس لأوروبا في إدارة أزمة الهجرة والتي تواجه تحديات أبرزها التهديد الإرهابي واستئناف النزاع الكردي بعد هدنة استمرت سنتين واستمرار الحرب في سورية. وأكد التوغ أن «الأضرار قد تكون محدودة في حال استبدال رئيس الوزراء سريعاً ومن دون مشكلات».