وقف كادحون من ذوي الدخل المحدود في المدينةالمنورة أخيراً، في وجه الارتفاعات التي سجلتها المنطقة في درجات الحرارة خلال الأيام السابقة، وواصلوا ركضهم نحو تأمين لقمة عيشهم تحت وطأة أشعة الشمس الملتهبة، في وقت أسهمت فيه الحرارة في تغير ملامح الحياة العامة، خصوصاً في فترة الظهيرة. لذا لم يجد عوض المطرفي بداً من ممارسة عمله اليومي بيع البطيخ على ظهر «البيك اب» تحت درجة حرارة ملامسة ل 50 درجة مئوية، ويقول: «لا أعلم شيئاً عن درجة الحرارة، كل ما أعلمه أنني يجب أن أوفر لقمة العيش لأسرتي»، ويضيف: «أنا أتحامل على نفسي لأن بيع البطيخ يعد مصدر رزقي الوحيد، فبدونه كيف أعول أسرتي ؟». واستدرك قائلاً: «كل هذه الأسباب كافية من أجل تحمل أقسى درجات الحرارة، وأصبحت الأمور بالنسبة لي طبيعية جداً». وعلى رغم إصدار وزارة العمل خلال الأسبوع الماضي قراراً يقضي بعدم تشغيل الأفراد في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهراً إلى الساعة الثالثة مساء خلال الفترة من 1 تموز (يوليو) إلى نهاية آب (أغسطس) من كل عام، إلا أن بعض الشركات المشغلة للعمالة لا تزال بعيدة عن تفعيل القرار، إذ يصارع العمال المغلوبون على أمرهم بمرافقة الكادحين من ذوي الدخل المحدود ارتفاعات الحرارة تحت أشعة الشمس الحارقة، وهنا يعلق زاهد علي (باكستاني الجنسية) الذي يعمل مندوباً لإحدى الشركات، «أخرج مضطراً لمتابعة العملاء، فالعمل يفرض علي الخروج وممارسته، ولكن خلال ارتفاع درجات الحرارة أعمل على بعض الاحتياطات من أجل تفادي الأضرار الناتجة من حرارة الشمس وارتفاعها، بأخذ سبل الوقاية الكافية كعدم الخروج تحت أشعة الشمس بشكل مباشر، وتغطية الرأس والإكثار من شرب السوائل خصوصاً الباردة. وللتعامل مع درجات الحرارة شكل آخر في المدينةالمنورة، إذ لم يجد المعتمر محمد عارف (60عاماً) بداً من مغالبة حر الظهيرة لإدراك صلاة الظهر في المسجد النبوي الشريف هو ووالده الطاعن في السن. وتحدث ل «الحياة» قائلاً: «قصدنا المدينةالمنورة من أجل الصلاة في مسجد نبي الرحمة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، فارتفاع درجة الحرارة لم يمنعني من الذهاب بوالدي الكبير في السن إلى المسجد النبوي الشريف، فالإقامة في المدينةالمنورة محدودة بالنسبة لنا، لذلك كان لا بد من استغلال جميع الأوقات الممنوحة للعبادة والصلاة في الحرم المدني الشريف. معاناة سكان المدينة مع ارتفاع درجات الحرارة لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك لتؤثر بشكل كبير على بعض السيارات، إذ إن المار بأحد شوارع المدينة لن يستغرب رؤية المركبات وهي متوقفة بسبب أعطال أو خلل، السبب الرئيس فيه ازدياد حرارة الأجواء، ما دعا بعض السكان إلى عدم الخروج بسياراتهم وقت الظهيرة إلا لضرورة قصوى، في الوقت الذي مثلت فيه فئة الموظفين والطلاب أكثر الفئات اضطراراً للخروج خلال هذه الفترة الخطرة.