وضعت محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أمس، نقاطاً على الحروف حول الموقف الروسي في سورية والذي بدا ملتبساً خلال الأسابيع الأخيرة. وعلى رغم «تطابق» وجهات النظر بين روسيا والأمم المتحدة، وفق تعبير لافروف، إلا أن التباينات التي برزت خلال مؤتمر صحافي مشترك، عكست توجهات الكرملين حيال الملفات الثلاثة المطروحة بإلحاح حالياً، وهي الهدنة التي بات عنوانها كارثة حلب، ومطلب تحسين الوضع الإنساني، وصولاً إلى الملف السياسي وآليات دفع التسوية. في الموضوع الأول كان لافتاً، قبل أيام، تأكيد موسكو أنها لن تضغط على نظام الرئيس بشار الأسد لأنه «يقاتل الإرهاب في حلب»، قبل أن تعلن أنها تبحث مع واشنطن في مسألة إدراج المدينة ضمن نظام التهدئة. وخلافاً لموقف دي ميستورا الذي شدد على ضرورة أن «يشعر كل الشعب السوري بأنه بمأمن من القصف اليومي» وأن هذا شرط لإنجاح استئناف التسوية، بدا لافروف أكثر هدوءاً وهو يطرح شروط موسكو لوقف النار في حلب، وعلى رأسها انسحاب القوات «التي تصف نفسها معتدلة» من مناطق «جبهة النصرة» وإعلان انفصال كامل عن الإرهاب، وإغلاق الحدود التركية - السورية باعتبارها قناة دعم الإرهابيين. ويبدو أن هذه التفاصيل هي محور النقاشات الجارية حالياً بين العسكريين الروس والإميركيين، وكشف لافروف، في هذا الإطار، أن واشنطن منحت موسكو في وقت سابق ضمانات بتنفيذ هذه الشروط لكنها «لم تُنفّذ حتى الآن». في الملف الإنساني، ما زالت موسكو تتجاهل أن الغالبية الساحقة من معوقات دخول المساعدات يضعها النظام. واعتبر لافروف أن على المؤسسات الدولية أن تفتح حواراً مباشراً مع الحكومة السورية، كما تفعل مع المعارضة، لضمان دخول المساعدات. وفي الشق السياسي، كان الخلاف أوضح. ففي مقابل تأكيد دي ميستورا ضرورة دعوة مجموعة دعم التسوية للإنعقاد في أسرع وقت و «ربما دعوة مجلس الأمن أيضاً» وإشارته إلى التمسك برؤيته بأن القرار الدولي ينص على «تشكيل هيئة موقتة جديدة ودستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية». جاء جواب لافروف فاتراً وواضحاً: «لا يمكن للمجموعة أن تنعقد إلا باستبعاد أي محاولة لطرح رؤية جديدة تخالف القرار 2254». والمقصود أن أي محاولة لوضع تصورات لحل العقدة الأساسية التي أفشلت جولة جنيف، ستواجه برفض روسي، لأن مصير الأسد لا يجب أن يُطرح في جنيف. قد تُفسّر الخشية الروسية من سعي أطراف إقليمية ودولية لمحاولة تحديد الفكرة الملتبسة في قرار مجلس الأمن حول الانتقال السياسي، صمت موسكو على كارثة حلب بل وتشجيع النظام على «إكمال مهمته» لأن تعزيز مواقعه ميدانياً يساعدها على تثبيت رؤيتها للمسار السياسي. أكثر من ذلك، بدا لافروف واضحاً في أن هدف أي لقاء دولي جديد هو دعم مفاوضات بين الحكومة السورية و«كل أطياف المعارضة» وفق قرار مجلس الأمن، وأي «محاولة لكتابة رؤية سياسية جديدة لن تمر».