المعايطة ل«عكاظ»: السعودية تدعم القضايا العربية والإسلامية    برئاسة ولي العهد ورئيس وزراء الهند.. إنشاء مجلس الشراكة بين السعودية والهند    مشاعل العتيبي رئيسًا لجمعية العمل التطوعي بالمنطقة الشرقية    هيئة التراث تُسجل 5 مواقع أثرية جديدة في منطقة جازان ضمن السجل الوطني للآثار    جيش الاحتلال يهجر 6 مناطق في ضاحية بيروت    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    كتب و روايات في معرض الشارقة تحولت لأفلام عالمية    رئيس جمهورية تشاد يصل إلى المدينة المنورة    النقل تُوقف 3 تطبيقات عن مزاولتها لأنشطة النقل    في 100 لقاء ثنائي.. قمة الرياض للتقنية الطبية تبحث توفير فرص ذهبية للمستثمرين    الدولار يحافظ على استقراره قرب أعلى مستوى في ستة أشهر ونصف    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    الكويت تدين تصريحات وزير حكومة الاحتلال بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة    الأرصاد: الفرصة مهيأة لتكوّن السحب الرعدية الممطرة    الفرج يقود الأخضر أمام «الكنغر»    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    «الجناح السعودي».. ينطلق في «الصين الدولي للطيران والفضاء»    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    انطلاق المؤتمر الدولي لأكاديميات الشرطة    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    تطوير وتوحيد الأسماء الجغرافية في الوطن العربي    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    أمير الرياض يستعرض إنجازات «صحية تطوع الزلفي»    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    "الحج المركزية" تناقش موسم العمرة وخطط الحج    نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمة فحص المركبات    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    أسبوع معارض الطيران    جمعية يبصرون للعيون بمكة المكرمة تطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    نائب الرئيس الإيراني: العلاقات مع السعودية ضرورية ومهمة    التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ستار أكاديمي» ودلالات مجتمعية
نشر في الحياة يوم 18 - 06 - 2010

في المناسبات الكثيرة التي كان يتعرض لها البرنامج التلفزيوني «ستار أكاديمي» للهجوم والمُعاداة، كان أغلب الهاجمين والكارهين يحرص، من باب الترفيه والمتعة، على اختلاس أوقات طويلة من متابعة البرنامج المذكور وغيره. الى جانب طبقات عُمريّة مختلفة من المتفرجين، الشباب والكبار وربّات المنازل. مع الاعتراف بأن البرنامج – المسابقة لا يخلو من طغيان جانبه الاستهلاكي الربحي والترفيهي على ما يدّعيه لنفسه كرديف للحركة الفنيّة الغنائية الكاشفة والمنقّبة عن المواهب الشابّة في البلاد العربية. الا أنه نجح خلال سبع سنوات من انطلاقته، في اختراق الطبقات الاجتماعية العربية المختلفة، وهو أمر تجلّى في نسب المتابعة وحالات الاستلاب التي حدثت لعدد كبير ممن تعلّق به، بخاصة أنه يعتمد فكرة برامج تلفزيون الواقع المأخوذة عن الشبكات التلفزيونية الغربية.
وأوّل ما يمكن أن يسجله المرء من ملاحظات، هو كون البرنامج، عبر الحياة اليومية التي يعرضها عن مشتركيه، يظهر كمساحة عامة للتعبير عن الانتماءات الوطنيّة في حالتها الفطرية. اذ تكثر في غرف المشتركين المراهقين رموز وأعلام البلاد التي قدموا منها، ويحاول بعضهم الترويج للهجته المحليّة وثقافة المدينة التي أتى منها. اضافة الى العلاقات البينيّة التي تنشأ بينهم، والتي قد تعبر عن انتماءات دون الوطنيّة، كالتعاطف مع زميل أو آخر تبعاً لانتمائه الطائفي أو الطبقي مثلاً، أو التماهي مع الموقف السياسي لبلد مشترك ما ضد بلد المشترك الآخر. ففي مثل هذه المناسبات، يكثر الحديث عن تمثيل هؤلاء المشتركين، أو من هم في حالتهم، لبلدانهم وأوطانهم، فيكثرون من كلمات «رفع رأس» الوطن، واعتبار أنفسهم «سفراء» بلدانهم. فعبارات مثل هذه، هي من رواسب الأيديولوجيات الشعبية الفقيرة، لا تعدم من يغذّيها في مؤسسات المجتمع، بخاصة اذا كان شبه منغلق على نفسه، ومعدوم الفعالية والتفاعل في السياسة. وهذه آليّة تنفي دور الفرد والفردانيّة وتقضي على قيمتها، التي هي أولى لأي بلد بأن يتمسك بها ويحرص على تشجيعها.
غير أن الايجابية في هذه الدراما التلفزيونية، هي انعكاسها على المجتمعات العربية في زمن تمكنت أدوات الاتصال والميديا من فرض حضورها على الحياة العربية في شكل عام. ففي أجواء الأكاديمية حيث يعيش المتسابقون، صبياناً وبناتاً، أمكن لأفراد من المجتمع السعودي مثلاً، المعروف بطبيعته المحافظة الصارمة وفصله البنين عن البنات اجتماعياً، أن يعيشوا ضمن بيئة مختلطة جندريّاً ومجتمعيّاً. الى جانب التركيز على دور الرياضة وقيمتها، كروتين يومي، واجب ومطلوب. وهو ما غيّر حياة هشام عبدالرحمن، الشاب السعودي الذي استعاد ثقته بنفسه وفتحت فرص الحياة في وجهه حتى أمسى وجهاً اعلامياّ شبابياً، ليس على المستوى السعودي أو الخليجي، بل على المستوى العربي أيضاً.
وقد استطاعت شعبية البرنامج وعبر سنوات انطلاقه السبعة، أن تجذب فئة من الشباب الطموح تختلف بمقاييسها ومظهرها عن الفئة الغالبة التي عادة ما تعرض في البرنامج. فرامي الشمالي من لبنان، خالف في شخصيته وشكله وسلوكه تلك الصورة التي يُعتمد تصويرها وتظهيرها عن الشباب اللبناني مثلاً، فهو شاب صغير وبسيط من الطبقة المتوسطة الدنيا، يساعد في إعالة اخوته ووالدته الأرملة عبر العمل مع خاله، ولا يبالغ في ارتداء مُلحقات الثياب ولا يَرطن بلغات أجنبيّة في شكل مبالغ واستعراضي. ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة الى ناصيف زيتون، الشاب السوري المسيحي القادم من حوران والمقيم في ضواحي دمشق، والطالب في المعهد العالي للموسيقى. فقد عبّر ناصيف الذي ينتمي الى بقايا الطبقة الوسطى في سورية، عن ارادة الحلم وتعسّر تحقيقه بالنسبة الى أبناء جيله من السوريين، اذ أقدم على الاشتراك في هذا البرنامج التلفزيوني الذي يسلّط الكاميرا على كل حركة وكل شاردة وواردة، فالتزم أقصى درجات اللياقة والتهذيب، عكس الصورة النمطية المأخوذة عن المشتركين في البرنامج.
ويمثل ناصيف زيتون بدوره، أيضاً، حالة نموذجية تعكس فقر المؤسسات الاعلامية في بلاده سورية، حيث العجز المتواصل عن ايصال الشباب والمواهب وتسويقها والترويج لها. وتحضر هنا حالات وأسماء شهد برمدا وحسام مدنيّة ورويدا عطية، اللذين قَدموا الى الوسط الفنيّ عبر برنامج مشابه هو «سوبر ستار». فالكل يمّم صوب الاعلام والمحطات التلفزيونية اللبنانية. ومن هنا، يمكن فهم الحالة النفسية للمشاهد أو المشجّع السوريّ لهذه المواهب. فهو لا يستطيع مقاومة اغراء وجود قرين له يتنافس خارج حدود الوطن لاثبات وجوده. وقد أسهم البرنامج عبر تقنيّة تصويت المشاهدين المتّبعة، في اضفاء نفحة ليبراليّة عليه، اذ يشعر السوريون مثلاً، بأن لهم «مرشحهم» أو «ممثلهم» الافتراضي، وهو شخص عاديّ، يشبه ابن الجيران أو زميل المدرسة، ولا بد بالتالي من مساندته والتضامن معه عبر «الاقتراع» له، أي التصويت. وهو ما فعلوه بإيصالهم ناصيف الى ربح المسابقة، أو شعورهم على الأقل، بأنهم وراء ذلك.
والحال، أن قدرة التصويت هذه وقوّتها، تعبر، عند السوريين، عن رغبة واضحة في ايصال أشخاص أو أفراد يصدرون عن بيئاتهم السوريّة المختلفة، بخاصة اذا ما كان هناك شعور ضمني بعدم الاكتراث الى هؤلاء الأشخاص وضياع حقهم وفرصهم ضمن مؤسسات بلدهم. هذا ما يفسّر تعلّق السوريين فنّياً، بجورج وسّوف، وهو النموذج الأوضح عن المهاجر القرويّ الفقير الذي اكتسح الفن والوسط الفنيّ في لبنان ومن ثم البلاد العربية. واعتزازهم بميّادة وأصالة، وحتى بعلي الديك، المغنيّ الشعبيّ الذي لعبت الأقدار والحظوظ الى جانبه وتمكّن من فرض نوع مختلف من الغناء الشعبي عبر أغنية الضيعة – الملهى، والتي صارت تُزاحم كل الموسيقى الغربيّة والحديثة في فضاءات بيروت وغيرها من المدن العربية. فالسوريون، المصابون في ثقافتهم ووجدانهم الفنيّ والسياسي بالتُخمة والرتابة العروبيّتين والقوميّتين، تحركهم، كما يبدو، نزعة الى صنع أيقوناتهم الخاصة الصغيرة، المكوّنة من عناصر وطنية خالصة. وعالم الفن والغناء والتلفزيون المُسليّ هو عالمهم الأمثل في الوقت الراهن.
في كلّ الأحوال، مبروك للمواطن العادي، لابن الجيران وابنة الحيّ، فقد فعلها التلفزيون، والاعلام والصحافة أيضاً، مُثبتين أن الخارج منّا اليهم... مولود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.