سلم الطفل مشاري البوشل، روحه إلى بارئها، قبل أن يكمل شهره الخامس، أمضى منها شهرين وسط «ألم صامت»، فمنذ أن دست عاملة منزلية (اندونيسية الجنسية) «سم فئران» في رضاعة الحليب وخلطته بمزيج من الأدوية، وحالة الطفل الصحية تتراوح بين «زيادة في إنزيمات الكبد»، و»حموضة وسيلان شديدان جداً في الدم»، إضافة إلى «اضطرابات في القلب»، وأخيراً «الغيبوبة»، التي دخلها منذ أسبوعين. وتنقل الطفل، وهو الولد الخامس لأبويه، خلال هذين الشهرين، بين مستشفى القوات المسلحة في الظهران، ثم مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، ليحط رحاله في مستشفى القوات المسلحة في الرياض، الذي نُقل إليه بطائرة إخلاء طبي، أمر بها ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز. وبدد موت الصغير، الذي ووري الثرى مساء أمس، في مقبرة الراشدية في الأحساء، بارقة الأمل التي لاحت أمام أسرته قبل نحو أسبوعين، بعد أن تحسنت صحته «قليلاً»، إذ تم الاستغناء عن أجهزة التنفس الاصطناعي. وبدأ مشاري يتنفس طبيعياً. لكن صحته عادت لتتدهور، بسبب نقص في الأكسجين. وأعيدت أجهزة التنفس الاصطناعي، ولكن من طريق الأنف، إثر حدوث انتفاخ في الفم، ووجود سوائل في البطن، بسبب تأثر وظائف الكبد ومركز الأعصاب، ودخوله في غيبوبة من الدرجة الثالثة، وهي غيبوبة وضعية، إذ يفتح عيناه ولكن من دون وعي بما يدر من حوله. كما عاني من طفح في الجلد وانتفاخ في البطن وأجزاء من جسده. فيما كانت مؤشرات ضربات القلب ضعيفة. رحل مشاري أمس، ولكن الحسرة والألم باقيان في قلبي والديه، اللذين كانا يرتجيان أن يعود سليماً معافى إلى منزله في الدمام، ليعانقه أخوته الأربعة. لكن الموت خطفه قبل أن تستقر حاله الصحية، إذ كان من المفترض أن تجرى له عملية لزرع كبد، كان مقرراً أن يستأصل من كبد والده، بعد أن دلت الفحوصات والتحاليل الطبية التي أجريت للوالد والولد، تطابق أنسجتهما. وفيما كان الأب أحمد البوشل، عائداً من مكةالمكرمة، بعد أن أدى مناسك العمرة، تلقى الخبر المفجع برحيل مشاري. وبين الحسرة والألم الذي يسكن قلوب الأسرة، يتردد على الشفاه سؤال: لماذا فعلت ذلك؟ والمعني هنا هو العاملة التي دست السم لمشاري، بعد أن أمضت في منزل البوشل أربع سنوات. يؤكد كفيلها المفجوع بابنه، في حديث سابق ل «الحياة»، أنها كانت «تتلقى معاملة طيبة من جميع أفراد الأسرة. بل كانت تحصل على امتيازات لا تحصل عليه زميلاتها العاملات، ومنها السفر سنوياً في إجازة مدفوعة الراتب، لمدة شهر إلى أسرتها، وجناح مستقل متكامل في المنزل الذي انتقلنا إليه حديثاً، إضافة إلى تأمين طبي للعلاج»، مضيفاً «كنا نعاملها كأحد أفراد العائلة». لكنه يشير إلى أن العاملة «بدأت تتغير منذ زادت لقاءاتها مع نظيراتها اللاتي يعملن في منازل أقاربنا في الأحساء، إذ كان يجتمعن خلال الزيارات العائلية شبه الأسبوعية التي نقوم بها». ولا يستبعد البوشل، أنها حصلت على «سم الفئران» من هؤلاء العاملات، موضحاً أن الفرق الأمنية عثرت على بقايا السم وأدوية أخرى استخدمتها العاملة، في غرفة نومها. وأقرت خلال التحقيق معها من قبل هئية التحقيق والإدعاء العام، أنها دست له السم 8 مرات. وقد أحيلت أوراقها إلى وزارة الداخلية، لمتابعة مسار القضية أمنياً. فيما أبلغت سفارة بلادها عن القضية. وأكد الأب أمس ل«الحياة» أنه يطالب بتنفيذ شرع الله في حق العاملة.