على طريق الكورنيش، وفيما شاطئ جدة إلى يسارك، تنتشر إلى اليمين سلسلة مطاعم بأسماء أعجمية وتصاميم منوعة بين آسيوية وغربية، وأخرى عربية أصبحت أسماؤها مألوفة للسعوديين. وتوسعت فروع المطاعم الهندية في مناطق المملكة المختلفة: تكا، وتندوري، وشيزان وغيرها، وعندما تزورها يغلب المواطنون بأزيائهم المعروفة على الهنود، إذ يجد المذاق الهندي قبولاً واسعاً لدى السعوديين، ببهاراته اللاذعة وسلطاته اللذيذة، وربما أصبحت أسماء أكلاتهم الشهيرة متداولة على المستوى الشعبي. وكذلك المشويات التركية، والمصرية، والإندونيسية، حتى الإيرانية، فالعلاقات بين الرياض وطهران لا تؤثر في حضور المأكولات الإيرانية لدى المواطن السعودي. ويُعد «جيهان» من أبرز المطاعم الإيرانية الموجودة في جدة، ويقدّم وجبات تلقى قبولاً واسعاً، ويتميز بموقعه على شارع الأندلس، وهناك مطعم «شايه» الإيراني في الرياض، الذي يتميّز بتصميمه وديكوره. بينما سعت المطاعم الأميركية الشهيرة مبكراً للاستثمار في السوق السعودية، بما تملكه من شهرة عالمية وحضور قوي، وتختار أكثر الشوارع تطوراً. فواحد فقط من أشهر تلك المطاعم يملك أكثر من 200 فرع داخل المملكة، ويحقق السماح للشركات الأميركية بالنفوذ داخل المجتمع عبر وكلاء محليين، مكاسب اقتصادية كبيرة، إلى جانب دورها في ترويج الثقافة الغربية التي تنطبع على الأخلاق العامة. وتشهد سوق المطاعم نمواً لافتاً في السعودية، مع تنافس شركات عالمية ومحلية على الدخول في عجلة الاستثمار بهذا القطاع، ما رفعها إلى نحو 17 بليون دولار، وفق ما كشف أحد كبار المستثمرين، الذي أفاد بأن المملكة تستحوذ على نحو 38.5 في المئة من مجمل استثمارات المطاعم الموجودة في البلدان العربية. وتفصح دراسات سوقية سابقة بأن نحو 100 شركة تعمل في مجال تقديم المنتجات الغذائية من خضراوات وحبوب ولحوم ودجاج وعصائر وغيرها. ويستفيد قطاع المطاعم في المملكة من نمو عدد السكان الذي بلغ 23 مليون نسمة، إضافة إلى الدخل العالي، ما يساعد المطاعم والشركات على تحقيق إيرادات وأرباح ببلايين الدولارات سنوياً. وتوصف سوق المطاعم السعودية بأنها واعدة وسريعة النمو، ومقومات النجاح فيها متوافرة، لدرجة أن كل مطعم في الرياض يمكن أن يكون لديه أكثر من 900 إلى 1000 زبون، وربما ارتفع هذا العدد في ظل تزايد عدد السكان والاعتماد على المطاعم في توفير الوجبات، في ضوء دراسات اقتصادية منشورة لخدمة شباب الأعمال. وعلى رغم هذا الحجم من الاستثمار، لا يتمتّع المطبخ السعودي بالشهرة عالمياً مثل المطبخ الشامي والصيني، ويواجه بعض مأكولاته الشعبية على رغم شعبيتها المحلية، التغييب التام وانعدام فرص تطويرها وتسويقها عالمياً. وربما يعزى ذلك إلى ضعف استشعار مثل هذه الأفكار ودورها في توسيع الإمكانات الاستثمارية وما تحمله من دور ثقافي وقوة ناعمة للانتشار. وأوصى مهتمون في سبيل تحقيق حلم عولمة الأطباق الشعبية السعودية إلى توجيه الفنادق التي يقصدها السياح الأجانب غالباً إلى ضمّ الأطباق الشعبية المحلية إلى لوائح الطعام التي يقدمونها للنزلاء. كذلك المشاركة في المسابقات الدولية المتخصصة في الطهي والمساهمة في المهرجانات العالمية الكبرى لإعطاء صورة ناصعة للثقافة الغذائية السعودية أمام الشعوب الأخرى، وتأهيل كوادر سعودية شابة لتعلّم فنون الطهي وأصول إعداد الأطباق الشعبية ومزاولتها، ولا بأس في تدريبهم على أيدي رجال أو نساء كبار في السن بحكم خبرتهم الواسعة في هذا المجال. كما ينصح المهتمون بالحرص على إعداد مطبخ شعبي ذي مستوى راقٍ ضمن البرامج والفعاليات الثقافية التي تقام في الخارج مثل الأسبوع الثقافي السعودي، وإعداد كتب ومنشورات تثقيفية تُعرف الآخرين بوصفات المطبخ السعودي وأصوله، وطباعتها وتوزيع نسخ مجانية على السياح الأجانب أو أفراد الجاليات الأجنبية مثل الطلاب والعمالة الوافدة. وعلى رغم ذلك، توجهت مطاعم سعودية إلى الأسواق الخارجية، لتوسيع رقعة نشاطها ومدخلاتها، على غرار ما فعلت المجموعة السعودية لسلسلة مطاعم «الطازج»، التي استحدثت فرعاً لها في المغرب وبلغت استثماراتها 142 مليون درهم (نحو 15 مليون دولار) لتعزيز حضورها في عدد من مدن المغرب. وتنوي تدشين 15 مطعماً بحلول 2017، موفّرة نحو 500 فرصة عمل.