كان يوم عيد المرأة الدولي في الثامن من آذار (مارس) الماضي، مناسبة للعودة مجدداً إلى طرح وضع المرأة وحقوقها في ألمانيا خصوصاً وفي أوروبا عموماً، إذ إن الوعود التي أُعطيت بالعمل على خفض الفوارق بل إلغائها تدريجاً لم ينفذ شيء منها. ويُذكر أن ما اتُفق عليه في السنوات الأخيرة، وتحديداً على صعيدي إلغاء الفوارق الكبيرة في الأجور بين الرجل والمرأة، وتحقيق الكوتا النسائية في المناصب العليا في الشركات التي أقرتها الحكومة قبل سنتين تقريباً، لم يجد الطريق إلى التنفيذ على رغم تحديد المهلة. من هنا لا تزال المرأة العاملة ومعها هيئات المجتمع المدني الداعم لحقوقها، تشتكي من الإجحاف الحاصل على رغم تماثل الدراسة والتخصص بين الجنسين. ويتفاجأ المرء في ألمانيا خصوصاً أن الفارق في المعاشات بين الرجل والمرأة أكبر من فارق المتوسط الأوروبي. واستناداً إلى وزارة العمل الألمانية، يصل معدل الفارق الوسط في المعاش بين الجنسين إلى 21.6 في المئة، وهو، ولو كان يقل عن معدل الفارق في كل من إيسلندا (28.3 في المئة)، والنمسا (22.9 في المئة)، إلا أنه يتجاوز الفارق المسجل في فرنسا (15.3 في المئة)، وبريطانيا (18.3)، وإسبانيا (18.8) ، وبولندا (7.7)، وإيطاليا (6.5 في المئة). وأعلنت وزيرة العائلات الاتحادية مانويلا شفيزيغ في حكومة المستشارة أنغيلا مركل، عن خيبة أملها «من عدم تحقيق تقدم في هذا المجال». وكشفت أنها ستسعى إلى «خفض الفارق في المعاش بين الجنسين من خلال قانون ستقدمه إلى حكومتها للموافقة عليه وإحالته على مجلس النواب الاتحادي للتصويت عليه». لكن أرباب العمل سارعوا إلى إظهار ممانعة قوية لخطوة كهذه. وعلى صعيد تمثيل المرأة في الهيئات العليا للشركات الألمانية على أساس كوتا من 30 في المئة أقرتها الحكومة الاتحادية، فهو لا يزال أقل من المطلوب. وعلى رغم اتفاق أطراف التحالف الحكومي المسيحي - الاشتراكي عام 2014 على فرض هذه الكوتا على الشركات والمؤسسات العامة والخاصة لتنفيذها حتى مطلع عام 2016، تُظهر جردة حساب سريعة أن الهدف المنشود لم يتحقق. والأسباب المانعة متعددة، يُضاف إليها استمرار معارضة كثر لهذا الهدف داخل الحكومة وخارجها بحجج مختلفة. وأشار المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن مطلع آذار الماضي، الى أن «وضع النساء في مجلسي الإدارة والرقابة للشركات الخاصة لم يتحسن أبداً عما كان عليه قبل سنتين، فيما شهد بعض التقدم في المؤسسات العامة فقط». ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية في برلين مقارنة بالدول الأوروبية، وضعها مكتب الإحصاء وجاء فيها أن المعدل الوسط الأوروبي لتمثيل المرأة في المواقع العليا للشركات أي في مجلسي الإدارة والرقابة، «بلغ 33 في المئة». وعلى سبيل المثل، حلّت دولة لاتفيا البلطيقية الصغيرة في المرتبة الأولى مع نسبة تمثيل للنساء بلغت 44 في المئة، تلتها المجر في المرتبة الثانية مع 40 في المئة، وسجّل كل من بولندا وليتوانيا 39 في المئة، في حين جاءت قبرص في المرتبة الأخيرة مع 17 في المئة. أما في ألمانيا، فلا يوجد حتى الآن أي احتساب رسمي لمعدل وسط عام لوزن المرأة في المناصب الاقتصادية القيادية، وانما فقط للشركات المئة الضخمة الممثلة في بورصة فرانكفورت، حيث وصلت نسبة النساء في المراتب العليا إلى 22 في المئة فقط، وليس 30 في المئة كما نص عليه قرار الحكومة قبل سنتين ولم ينفذ. وانتقدت الوزيرة شفيزيغ تقصير الشركات الخاصة عموماً وممانعتها في تنفيذ القرار الحكومي. ولفتت إلى أن قرار الحكومة واضح، ويقضي بدءاً من مطلع العام الحالي بإبقاء أي مقعد في المجلسين القياديين للشركات شاغراً، إذا لم يُملأ بامرأة.