«يجب أن يُكسر هذا الحصار فوراً». بهذه العبارة الحاسمة القاصمة، استهل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى زيارته غزة، أمس، وقال «الحصار الذي نقف جميعاً في مواجهته يجب أن يُكسَر، وقرار الجامعة واضح في كسر الحصار والمطالبة برفعه وعدم التعامل معه نهائياً». يا سلام، الله اكبر... الله اكبر... الله اكبر، «وقل جاء الحق وزهق الباطل، ان الباطل كان زهوقاً». ذكّرتنا زيارة عمرو موسى غزة بدخول عمرو بن العاص القاهرة فاتحاً، وفرحنا بشجاعة الأمين العام في كسر الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع منذ نحو أربع سنوات. وعلى رغم أنها شجاعة تأخّرت كثيراً، فضلاً عن أنها لم تضطره الى الإقدام على المكاره والمهالك، ولا أجبرته على المخاطرة بحياته، إلا أننا فرحنا بها ايما فرح، وكدنا نستدعي ابا فراس الحمداني لمدحها من فرط فخرنا بها وصاحبها، حتى أهالي غزة خرجوا الى الطرقات والأسواق مرددين: يا سعدنا، يا فرحنا... عمرو موسى عندنا. السؤال الذي تبادر الى الأذهان بعد رؤية الأمين العام للجامعة العربية وهو يدخل قطاع غزة عبر معبر رفح، هو لماذا لم يقم موسى بهذه الخطوة العام الماضي، أو الذي قبله؟ ما سر هذا الانضباط العربي في تطبيق القرارات الدولية، مهما كانت ظالمة ومنحازة؟ لماذا تتمرد تركيا وإيران، والأرجنتين، وغيرها من دول العالم، على القرارات المجحفة، وتناقشها، وتفاوض في تطبيقها، فيما يستكين العرب، ويتسابقون على إرضاء العواصم الغربية؟ ما هذه الذلّة والمسكنة؟ لماذا اصبح العرب يمشون خلف الآخرين؟ لا شك في ان زيارة عمرو موسى غزة، بعدما دمر «أسطول الحرية» حصارها، وعلى أيدي ناشطين عزل، مؤشر الى ان النظام العربي أصبح قوة هامشية في صراع المنطقة، وأن العرب لم يعودوا قادرين على الفعل، او رده، بدليل هذه الشجاعة المستعارة التي هبّت رياحها على الجامعة العربية. الأكيد أن «أسطول الحرية» كشف عجز النظام العربي، وعدم قدرته على إنضاج الأفعال والمبادرات، فضلاً عن صنع قرارات جريئة وشجاعة. فحصار غزة هو تكرار موجع للحصار الذي فُرِض على العراق. هو معاقبة لشعبٍ على أخطاء سياسية لا ذنب له فيها، ومع ذلك مارس العرب صمتهم حيال تجويع أهالي غزة.