هل تعاني آلاماً حادة تتركز في أسفل الظهر ولا تمتد إلى العانة ومنطقة الفخذ والساق؟ وهل تزداد الآلام سوءاً عند الوقوف والمشي وتتحسن عند الاستلقاء؟ إذا أجبت بنعم على هذين السؤالين، فليس مستبعداً أن تكون مصاباً بالتهاب المفصل الحرقفي العجزي. هناك مفصلان حرقفيان عجزيان في أسفل الظهر، واحد يقع على يمين عظمة العجز، وآخر على يسارها، وهما مفصلان كبيران يربطان عظمتي الحرقفة (أكبر عظام الحوض) بالفقرات العجزية لأسفل العمود الفقري، ويوفران قدراً ضئيلاً من الحركة لا يتعدى في أحسن الأحوال اثنين من الميلليمترات إلى جانب بعض الدوران درجة أو درجتين لا أكثر، لكنهما مع الأربطة المحيطة بهما يؤمنان وظيفة مهمة جداً هي ضمان ثبات عظام الحوض مع فقرات أسفل الظهر، لكن لدى النساء الحوامل، خصوصاً في الثلث الأخير من الحمل، فإن الهرمونات تجعل مفصل الحرقفي العجزي أكثر رخاوة من أجل تسهيل عملية الولادة. ويمكن أن يكون المفصل الحرقفي العجزي محطة لسيناريو التهابي جرثومي وغير جرثومي، ما يجعل صاحبه يعاني من آلام شديدة مبرحة في منطقة أسفل الظهر، كثيراً ما تُشخَص خطأ بأن سببها «عرق النسا» أو انزلاق غضروفي. وتترافق آلام التهاب المفصل الحرقفي العجزي مع التيبس والشعور بالحرقان في المؤخرة، وتزداد الآلام شدة مع مرور الوقت إلى درجة أن المريض يجد صعوبات كبيرة على صعيد المشي وتنفيذ النشاطات اليومية المعتادة. وتتميز هذه الآلام بأنها تبقى محصورة في منطقة أسفل الظهر ولا تنتشر إلى العانة أو إلى الفخذين والساقين، لكنها تشتد عند الجهد والحركة. ما هي أسباب التهاب المفصل الحرقفي العجزي؟ هناك أسباب عدة لهذا المرض، أهمها: - كسور الحوض التي تقع على مقربة من المفصل الحرقفي العجزي. - هورمونات الحمل التي ترخي أربطة المفصل. - وجود فارق في الطول بين الساقين يؤدي إلى اعوجاج الحوض وإلى ضغوط غير طبيعية على المفصل، ما يؤدي إلى ظهور الخشونة المبكرة في المفصل. - تخرب الغضاريف الواقعة بين عظمة الحرقفة والفقرات العجزية. - الالتهابات الجرثومية. - التهاب الفقرات اللاصق، وهو يصيب الفقرات في شكل خاص، خصوصاً المحاذية لعظمة الحرقفة في الحوض، ويشاهد أكثر في المرحلة العمرية بين 17 و35 سنة، وقد يبدأ في مرحلة الطفولة أيضاً. - أمراض الروماتيزم، مثل داء النقرس، والروماتويد، والتهاب الفقرات اللاصق. كيف يشخَص مرض التهاب المفصل الحرقفي العجزي؟ ذكرنا سابقاً أن التهاب المفصل الحرقفي قد يُشخَص خطأ، فلا يتم علاجه بالطريقة المناسبة، ما قد يجعل المريض يصاب أحياناً بنوع من الإحباط، من هنا أهمية التشخيص الصحيح للمرض. ويمكن للفحص السريري الذي يقوم به الطبيب أن يقدم معلومات قيّمة تسمح بالتشخيص، إذ إن آلام المريض تشتد عندما يستلقي على ظهره مع وضع كاحل الرجل اليمنى على الركبة اليسرى ومن ثم الضغط على الركبة اليمنى، والأمر ذاته يحصل عند وضع الكاحل الأيسر على الركبة اليمنى مع الضغط على الركبة اليسرى، فهذه المناورات لا تريح المريض بل تزيد من شدة وجعه. وللتأكد من التشخيص، يتم اللجوء إلى فحوص متنوعة، منها التصوير بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية أو بالرنين المغناطيسي. أيضاً قد يستعين الطبيب بفحص الدم لرصد أية التهابات ميكروبية أو روماتيزمية. لكن في بعض الحالات القليلة، قد لا يستطيع الطبيب التوصل إلى التشخيص على رغم الفحوص السابقة، فعندها لا مفر من اللجوء إلى طريقة الحقن، إذ يتم تسريب مادة مخدرة من طريق إبرة مناسبة إلى جوف المفصل، فإذا تراجع الألم أو اختفى فهذا دليل على أن هناك مشكلة في المفصل الحرقفي العجزي. ماذا في خصوص العلاج؟ إن العلاجات المحافظة التي تقوم على تناول الأدوية المسكنة وتلك المضادة للالتهاب والمرخية للعضلات، مع تجنب النشاطات المجهدة، غالباً ما تسمح بالسيطرة على المرض وعودة المصاب إلى نشاطاته العادية، وقد تفيد جلسات العلاج الفيزيائي شرط أن تتم بأيد خبيرة. إذا لم تفلح الوسائل السابقة في لجم العوارض وتخفيف المعاناة، فإن اللجوء إلى طريقة الحقن الموضعي تصبح ضرورية، وهي وسيلة فعالة لتخفيف نوع الألم المرافق لالتهاب المفصل الحرقفي العجزي. وتقوم طريقة الحقن على إدخال ابرة إلى جوف المفصل تحتوي على دواءين، واحد مخدر لإيقاف الألم، والثاني هو أحد مشتقات الكورتيزون المضاد للالتهاب. وقد يحتاج الأمر إلى إعادة الحقن أكثر من مرة بناء على جدول زمني يحدده الطبيب. وتعتبر طريقة الحقن آمنة، لكن في حالات قليلة جداً قد تحصل مضاعفات يجب على المريض أن يميزها ويخطر الطبيب بمواصفاتها، فهذا يساعده على تشخيصها باكراً وبالتالي تدبيرها كي لا تترك وراءها عواقب سيئة. ومن هذه المضاعفات: العدوى، والتحسس تجاه الأدوية المحقونة، وارتفاع السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم. أما إذا فشلت الحلول السابقة في إراحة المريض من معاناته، فإن التدخل الجراحي يصبح مستطباً، وفيه يعمل الجراح على تثبيت المفصل بالشرائح والمسامير المعدنية. ولا يجب إغفال بعض العادات البسيطة التي تخفف من وطأة آلام المفصل الحرقفي العجزي، مثل تفادي الجلوس على أسطح قاسية، وتجنب الجلوس لفترات طويلة، واستعمال وسائط داعمة للعمود الفقري عند الجلوس أو النوم، وممارسة تمارين الاسترخاء، والتدليك اليدوي، والانتفال على مهل من وضعية النوم إلى وضعية الجلوس.