توزعت قلوب عشاق الكرة هذه الأيام بين 32 منتخباً يمثلون القارات الخمس أو الست بحسب علماء الجغرافيا... والملاحظة الأكثر بروزاً هي أن البرازيل يظل بامتياز منتخب من لا منتخب له (..) بل إنه أحياناً يكون منتخب من له منتخب مشارك، لأن الغلبة تكون دائماً لمن يصنع الفرجة. ومونديال مانديلا الذي فجع في حفيدته وكان الغائب الأكبر في حفلة الافتتاح، مثل خطوة متقدمة في تحويل المونديال إلى أكثر من حدث رياضي ينتهي بعد شهر بفوز واحد من المنتخبات المحظوظة، فالسياسة والاقتصاد والفن والتكنولوجيا كلها أخذت مكانها في واجهة هذا العرس العالمي... وإذا كانت افريقيا حاضرة بست منتخبات لها تاريخها مع المونديال، فإن العرب يمثلهم منتخب واحد، يعقد محبوه أملاً كبيراً عليه في الذهاب أبعد من المشاركة. ولأن محاربي الصحراء يدركون أن الرهان كبير جداً، فإنهم من دون شك، يحملون على أكتافهم كل أثقال العالم، لأن بسطاء الناس يطالبونهم بالعودة من جنوب افريقيا بالكأس، ويطالبهم آخرون بالانتقال إلى الدور الثاني، ويقنع آخرون بكسب مباراة سلوفينيا، والتعادل مع أميركا، والخسارة بأخف الأضرار أمام الانكليز، أما الأكثر تطرفاً ممن يمزجون الكرة بالسياسة فيقولون، على رفاق زياني أن يثأروا لغزة ولأسطول الحرية من الانكليز والأميركان (..) بينما يرى البعض أن الواقعية تقضي بأن نقبل أي نتيجة يخرج به سعدان من مواجهاته الثلاث، فإذا فاز فيها فليس هناك ما يدعو إلى الغرابة لأن المحاربين يمكنهم أن يقلبوا الطاولة على أي خصم، وإذا تفاوتت النتائج فليس هناك ما يدعو إلى علامات الاستفهام، فهم الذين خسروا أمام مالاوي وأخرجوا الفيلة في كأس افريقيا للأمم، وإذا خسروا لا قدر الله مبارياتهم، فالشماعة تسع كثيراً من الأعذار. صحيح كان الشارع الجزائري وحتى العربي، بخبرائه الفنيين، والإعلاميين وعامة الشعب المتعلق بالمنتخب، يتساءلون لماذا الإبقاء على لاعبين لم يعد مردودهم يفي بالغرض، والخدمات التي قدموها للخضر قبل سنوات وصلت السقف، وأصبح مطلوباً من سعدان تعويضهم من دون الاستغناء عنهم فالخبرة تفيد عند الحاجة. ومثلما قال ليبي مدرب الطليان: «تشكيل الفريق يصنعه الشارع» فهم الشيخ رسالة شارعه، وتجاوز منطق المجاملة والمجادلة، واعتمد منطق الكفاءة بدل المكافأة، ومن يملك القدرة على تحمل عبء المباراة، هو من يكون على المستطيل الأخضر. وقد رأى الملاحظون في إعلان سعدان عن التغييرات التي تطاول المنتخب في مباراة شبه المجهول سلوفينيا خطوة متقدمة في سبيل تجديد الأمل في تحقيق ما ينتظره الجزائريون والعرب من المحاربين في كأس العالم. وإذا كان تيلي سانتانا مدرب البرازيل في مونديال 1986 بالمكسيك صرح عقب مباراة الجزائر آنذاك التي فاز فيها نجوم السامبا بهدف كاريكا: «إن سعدان بالخطة التي لعب بها أمامنا إما أنه عبقري أو به مس من جنون الكرة» فهل سيتكرر ذلك مع كابيللو الذي يتوجس خيفة من فريق متقلب المزاج، يفشل في الممكن وينتصر في المستحيل. [email protected]