لخّصت صورة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وإلى جانبه أفراد عائلته وعدد كبير من وزرائه، على شرفة مبنى حزب العدالة والتنمية في أنقرة، المشهد الانتخابي بعدما حقّق فوزاً مهماً في الانتخابات البلدية التي نُظمت الأحد، واعتُبِرت استفتاءً على حكمه إثر فضيحة فساد كبرى طاولته ومقرّبين منه. وسارع أردوغان إلى توعّد خصومه «الخونة»، خصوصاً جماعة الداعية فتح الله غولن، ب «القضاء عليهم»، لكن المعارضة التي رفضت الإقرار بفشلها في الاقتراع، اعتبرت أن رئيس الوزراء «يهدد المجتمع»، متحدثة عن «أزمة ديموقراطية» في تركيا. ونال «العدالة والتنمية» 45.5 في المئة من الأصوات، في مقابل 28.5 في المئة ل حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي المعارض. ولم يستطع الحزب الحاكم، الذي كان نال نحو 39 في المئة في الانتخابات البلدية العام 2009، أن يزيد عدد البلديات التي يسيطر عليها أو أن ينتزع بلدية إزمير من المعارضة العلمانية أو دياربكر من المعارضة الكردية، لكنه احتفظ ببلديتَي إسطنبولوأنقرة، علماً بأن «الشعب الجمهوري» أعلن أنه سيطعن بنتائج الاقتراع في العاصمة بعد هزيمة مرشحه منصور ياواش أمام مرشح الحزب الحاكم رئيس البلدية المنتهية ولايته مليح جوكشاك بفارق ضئيل. وكان لافتاً تلاوة أردوغان خطاب النصر والى جانبه نجله بلال ووزير الاقتصاد السابق ظافر شاغليان المتهمَيْن بفضيحة الفساد. وعلى عكس خطبه السابقة بعد انتصاراته الانتخابية، استخدم رئيس الوزراء لغة تهديد ووعيد، مستقبلاً ناخبيه بإشارة «رابعة»، ومؤكداً أن حكومته ستتابع سياستها الخارجية. وخاطب أردوغان آلافاً من أنصاره، متهماً خصومه بأنهم «خونة» و «إرهابيون» وشكّلوا «تحالف شر». وأضاف في إشارة إلى غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية: «لن نستسلم أبداً لبنسلفانيا وذيولها في تركيا. الشعب أحبط الخطط الخبيثة والأفخاخ اللاأخلاقية. لن تكون هناك دولة داخل الدولة... حان الوقت للقضاء عليهم. سندخل عرينهم وسيدفعون الثمن». وسأل: «كيف لهم أن يهددوا الأمن القومي» لتركيا؟ واعتبر غورسيل تكين، نائب رئيس «الشعب الجمهوري»، أن أردوغان «يهدد المجتمع»، فيما قال رئيس الحزب كمال كيليجدار أوغلو إن نتائج الاقتراع لا تعني فشل حزبه، مستدركاً أنه سيجري «نقداً ذاتياً» لتقويم النتائج وتبيُّن «الصواب من الخطأ». ونفى أنباء عن استقالته، وزاد: «الأزمة الحقيقية تكمن في عدم سماع بعضنا بعضاً، كما أن أنصار حزب العدالة والتنمية لا يصغون إلى آرائنا وما نطرحه عليهم، بل إلى أردوغان فقط». وأشار إلى «أزمة حقيقية في الديموقراطية»، مستدركاً أن حزبه «هدد معاقل» أردوغان. واعتبر أن «السياسة الطائفية» لرئيس الوزراء جعلته يخسر محافظة هاتاي، وحضه على تبديد اتهامه بالفساد قبل ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة في آب (أغسطس) المقبل، وسط تكهنات باحتمال تنظيم انتخابات نيابية مبكرة الخريف المقبل. أما رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت بهشلي، فشدد على أن نتيجة الاقتراع لن تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل فضيحة الفساد، معتبراً أن أردوغان «اختار المضيّ في طريق الانقسام». وحقّق حزب السلام والديموقراطية الكردي نجاحاً مهماً، إذ زاد عدد بلدياته إلى عشر متصلة جغرافياً، ليبدأ الحديث للمرة الأولى عن «إقليم كردي»، وسط تكهنات بتحالف كردي محتمل مع أردوغان في انتخابات الرئاسة، في مقابل تنفيذه وعوده، وأهمها إقامة حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرقي تركيا.