لخصت صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية اليسارية أمس، نتائج الانتخابات البلدية بصورة للرئيس فرانسوا هولاند على صفحتها الأولى وعليها كلمة «العقاب»، في اعتراف صريح بأن «سوء أداء» الرئيس وحكومته، كان السبب الأساسي في امتناع الناخبين عن التصويت لمصلحة مرشحي الحزب الاشتراكي في الانتخابات البلدية التي جرت على دورتين خلال الأحدين الماضيين. وبالتالي بات الرئيس الفرنسي مجبراً على التضحية بحكومته لاحتواء الخسارة، الأمر الذي دفع رئيسها جان مارك إيرولت إلى تقديم استقالته، فكلف هولاند وزير الداخلية مانويل فالز، الشخصية الاشتراكية الاكثر شعبية في استطلاعات الرأي، برئاسة الحكومة الجديدة. واتفقت وسائل الإعلام والتحليلات السياسية على هذا الأمر، بعد الخسارة التي تكبدها الحزب الذي فقد 155 مدينة فرنسية، من بينها معاقل رمزية، مثل تولوز واميان وروبي وأنجيه ورانس وليموج وكيمبير، حيث سقط رئيس البلدية الاشتراكي برنار بوانيان، وهو أحد أقرب مستشاري هولاند. في المقابل، نجح «الاتحاد» من الفوز في نحو 140 مدينة، فيما تمكن حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن من اختطاف نحو 12 مدينة من خصومه، ما شكل فوزاً تاريخياً للحزب. وبيّنت النتائج أن اليمين «الديغولي» تمكن من احتواء خسائر اكبر، بل استعاد مواقع تقليدية خسرها في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، في مدن مثل فريجوس في الجنوب وبيزيي وفيلير كوتري وبوكير. ووسط الخسارة الكبرى، نال الحزب الاشتراكي «جائزة ترضية» باحتفاظه ببلدية باريس، التي فازت بها الاشتراكية آن هيدالغو، كما احتفظ الحزب الاشتراكي ببلدية ستراسبورغ (شرق). وعنونت صحيفة «لو فيغارو» اليمينية: «تسونامي أزرق يجتاح هولاند»، مشيرة إلى حصول اليمين على 45.9 في المئة من الأصوات في الانتخابات البلدية، في مقابل 40.75 في المئة لليسار و6.48 في المئة لليمين المتطرف في حين حصل مرشحون لا ينتمون إلى أحزاب على 6.26 في المئة، كما أفادت وزارة الداخلية الفرنسية. واستبق وزير الداخلية إعلان النتائج، باعترافه ليل الأحد - الإثنين، بخسارة حزبه 155 مدينة، مشيراً إلى امتناع 36.3 في المئة من الناخبين عن التصويت، كما اعترف بخسارة وزراء اشتراكيين، من بينهم فرانسوا لامي، الذي انتزع منه المرشح الديغولي جان كلود غودان مدينة مارسيليا، على رغم ضغوط هولاند وفالز لاستعادة المدينة. وأجبرت ضخامة الخسارة هولاند على إجراء تغيير حكومي سبق أن سرت تكهنات حوله، عندما عكست استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، تدهور شعبية الرئيس وفريقه الحكومي. وعكست تصريحات «الديغوليين» رضاهم عن النتيجة، إذ قال ألان جوبيه بعد فوزه بنسبة كبيرة من الجولة الأولى في مدينة بوردو (جنوب)، إنه «ينبغي استخلاص العبر من هذه الانتخابات بأن الفرنسيين رفضوا قلة الخبرة في إدارة شوون الحكومة، وهم يريدون نتائج وأفعال». وأوضح أنه «من غير المجدي أن يزور وزير الداخلية مانويل فالز مدينة مارسيليا بعد أيام من أحداث أمنية فيها، بل المطلوب فعلاً إجراءات وأفعال وليس زيارات». واعتبر رئيس الحكومة الديغولي السابق أن النتائج حملت رسالة من الفرنسيين تتعلق بالوضع الاقتصادي، مفادها أن «الحكومة لا تلتزم بوعودها وأن برنامجها الاقتصادي غامض ويفتقد لرؤية وخطة».