فشل مفاوضات الدوحة في الاتفاق على تثبيت إنتاج النفط، دفع بالتكهنات إلى انهيار في الأسعار يدفعها إلى 30 دولاراً، إلا أن خبراء أشاروا إلى أن الأوضاع الاقتصادية في العالم ليس كما هي العام الماضي، مبينين أنه على رغم عدم الاتفاق إلا أن الأسعار ستتماسك بسبب زيادة الطلب المتوقعة، مؤكدين أن أسواق النفط متعودة على الاختلاف بين الدول المنتجة سواء من داخل أوبك أم خارجها، وأن عدم الاتفاق لا يعني انهيار «اتفاق يناير». وأوضح أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد الجعفر أن عدم الاتفاق في الدوحة لا يعني انهيار الاتفاق السابق بين الدول المنتجة في تثبيت إنتاج الخام عند مستويات كانون الثاني (يناير)، وتستمر حتى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، إذ يعقد اجتماع مماثل في موسكو للمراجعة، لأنه لم يتحدث أحد من الوزراء حول انهيار الاتفاق السابق، على رغم الاعتقاد السائد بأن الدول التي تمتلك مقدرة على زيادة الإنتاج ستزيد إنتاجها خلال الفترة المقبلة، مؤكداً بأن الأمر أكثر تعقيداً في ظل زيادة في المعروض تتجاوز مليون برميل في اليوم. وأشار إلى أن وزراء النفط فشلوا في الاتفاق، إلا أنهم خرجوا وهم متفقون على أن الاتفاق بحاجة إلى المزيد من المشاورات، مما يعني أن الباب لا يزال مفتوحاً نحو المزيد من المشاورات، خصوصاً أن الأسواق تعاني من فائض في الإنتاج، ومعظم الدول المنتجة متضررة من انخفاض الأسعار، ولديها الرغبة الأكيدة في تصحيح السوق. وكان من المتوقع أن يتمم اجتماع الدوحة الأول من أمس اتفاقاً لتثبيت الإنتاج عند مستويات يناير في محاولة لتقليص تخمة المعروض، لكن الاتفاق فشل إثر عدم التزام جميع الدول بالاتفاق، فيما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قوله إنه لا يتوقع تقلبات عنيفة في سوق النفط بعد فشل اجتماع الدوحة في الاتفاق على تثبيت إنتاج النفط. وأضاف نوفاك إن عدم التوصل إلى اتفاق بعد اجتماع الدوحة يخلق فرصاً أمام «المضاربين في السوق». وأضاف الجعفر أن وزراء النفط معتادين على هذا النمط من المحادثات التي لا تصل في البداية إلى اتفاقات، أو يتم التخلي عنها، خصوصاً بين الدول المنتجة من داخل «أوبك» وخارجها، مبيناً أنه خلال 15 سنة الماضية كانت الأوضاع أفضل مما هي عليه اليوم، وأن انهيار اتفاق «يناير» ستكون له عواقب وخيمة على الأسعار، مما يعوق التعافي الأخير في أسعار النفط، ويجدد الخلافات على الحصة في السوق بين كبار المنتجين، ويضعف الثقة بهم، وأن لديهم المعرفة الكاملة أن ارتفاع مزيج برنت الخام لنحو 45 دولاراً للبرميل بزيادة نحو 60 في المئة عن المستويات المتدنية في يناير، هو بفضل التفاؤل إزاء إبرام اتفاق يسهم في كبح تخمة المعروض التي دفعت الأسعار للهبوط من مستويات مرتفعة عند 115 دولاراً للبرميل في منتصف 2014، وأن هذه الفرصة لا تزال مواتية خلال الأشهر المقبلة. وأضاف بأن الأسعار ستدخل خلال الفترة المقبلة في حال من التذبذب، الذي سيكون إلى الانخفاض أكثر منه إلى الارتفاع، إلا أنه سيكون رهين الرغبة الكبيرة التي أبدتها جميع الدول باستثناء إيران، في التوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج. وكان وزير الطاقة القطري محمد صالح السادة، أكد بعد اجتماع الدوحة، أن الدول التي شاركت في الاجتماع تحتاج إلى وقت إضافي لإجراء مشاورات ومحادثات حول تجميد إنتاج النفط، مشيراً إلى أن الاجتماع استغرق وقتاً طويلاً بسبب مناقشة سيناريوهات كثيرة. وقال: «لقد ناقشنا قبل هذا اليوم تجميد إنتاج النفط من الجوانب كافة، وما يمكن أن ينتج عن ذلك، وخَلُص الاجتماع إلى أننا جميعاً نحتاج إلى الوقت للقيام بمزيد من التشاور، إذ ستشترك الدول كافة في المشاورات بدئاً من الآن وحتى اجتماع أوبك في يونيو، وأود التنويه إلى أن النفط يسير نحو الاتجاه الصحيح، فكم سيحتاج من الوقت ليُعاد إليه التوازن؟ سنحتاج إلى أن نرى ذلك ولكنه حتماً يسير في الاتجاه الصحيح». إلى ذلك، أظهرت بيانات رسمية أمس أن صادرات السعودية من النفط هبطت إلى 7.553 مليون برميل يومياً في شباط (فبراير) من 7.835 مليون برميل يومياً في يناير. وبلغ إنتاج المملكة - أكبر مصدر للخام في العالم - 10.220 مليون برميل من الخام يومياً في فبراير مقابل 10.230 مليون برميل يومياً في يناير بحسب البيانات. وتقدم الرياض وأعضاء آخرون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بيانات الصادرات الشهرية لمبادرة البيانات المشتركة (جودي) التي تنشر تلك البيانات على موقعها الإلكتروني. وانخفضت مخزونات المملكة من النفط الخام إلى 305.599 مليون برميل في فبراير من 314.119 مليون برميل في الشهر السابق. وعالجت المصافي المحلية 2.67 مليون برميل من الخام يومياً مقابل 2.468 مليون برميل يومياً في يناير في حين ارتفع حجم صادرات منتجات النفط المكررة إلى 1.55 مليون برميل يومياً من 1.343 مليون برميل يومياً. وفي فبراير هبط معدل حرق النفط الخام المستخدم في توليد الكهرباء إلى 291 ألف برميل يومياً من 293 ألف برميل يومياً في يناير وفقاً للبيانات. وبلغ حجم الطلب على المنتجات النفطية في المملكة 2.074 مليون برميل يومياً في فبراير.