في حلقات تلفزيونية منفصلة استضافت محطة «سي إن إن» الأميركية المرشحين الثلاثة المتنافسين على نيل تمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، دونالد ترامب، تيد كروز وجون كايسيك، كلاً مع عائلته لإطلاع الناخبين الأميركيين على جانب آخر في شخصياتهم وشخصيات زوجاتهم المرشحات لنيل لقب السيدة الأميركية الأولى في ما لو تمكن الحزب الجمهوري من استعادة البيت الأبيض في انتخابات تشرين الثاني( نوفمبر) المقبل. فكانت حلقة ظهر فيها ترامب مع ميلانيا زوجته عارضة الأزياء السابقة وإيفانكا ابنته الحسناء التي يعتمد عليها في إدارة أعماله في الولاياتالمتحدة والعالم إضافة إلى شقيقتها وابنين آخرين كلهم من زيجات سابقة. كما اصطحب كروز زوجته هايدي وابنتيه وكذلك فعل كايسيك وزوجته شارلي وابنتاهما. وعلى رغم أن فكرة استضافة زوجات المرشحين للرئاسة وأبنائهم هي من تقاليد الحملات الانتخابية الأميركية، إلا أن توقيت الحلقة بعد «حرب زوجات» طاحنة بين ترامب رجل الأعمال النيويوركي وكروز سيناتور ولاية تكساس ذي الأصول الكوبية، استخدم فيها المناهضون لترامب صوراً عارية لزوجته عارضة الأزياء السابقة، وبعد حملة دعائية ضده اتهمته بمعاداة النساء على خلفية تصريحات حول الإجهاض أطلقها ثم تراجع عنها، جعلها أكثر إثارة وحفّز ملايين الأميركيين على متابعتها. وما أعطى تلك الحلقات التلفزيونية معاني إضافية أنها نظّمت في نيويورك وأمام جمهور من الناخبين الجمهوريين في المدينة قبل أيام قليلة من معركة انتخابية يحتل فيها الخلاف حول قيم نيويورك الليبيرالية صدارة السجالات الانتخابية. إذ يعتبر سيناتور ولاية تكساس أنه الأصلح لتمثيل القيم الجمهورية المحافظة أمام القيم النيويوركية لترامب البليونير ونجم تلفزيون الواقع. على هذا يرى كروز والكثيرون في المؤسسة الحزبية الجمهورية أن ترامب أقرب كثيراً إلى القيم الليبيرالية التي يتبنّاها الحزب الديموقراطي منه إلى القيم الأميركية المحافظة التي يدافع عنها الجمهوريون، وفي صدارة هذه القيم مفهوم العائلة الأميركية ومحوريّته في الثقافة الأميركية ونمط الحياة في الولاياتالمتحدة. بهذا المعنى نجحت عائلة كروز في تقديم نموذج عن العائلة الأميركية المحافظة: زوج عصاميّ اجتهد في الدراسة والتحصيل الجامعي والارتقاء الاجتماعي وهو ابن العائلة الكوبية الفقيرة المهاجرة، الذي تزوّج مع دخوله الحياة السياسية ناشطة في الحزب الجمهوري وابنة مبشّر مسيحي في كاليفورنيا. هايدي موظفة كبيرة في واحد من كبار البنوك الأميركية وقد ساعدها موقعها الوظيفي على الحصول على قروض مالية كبيرة لتمويل حملة كروز الانتخابيه. في المقابل بدا مشهد ترامب مع زوجته الحالية ميلانيا، عارضة الأزياء والمهاجرة إلى نيويورك من سلوفينيا في يوغوسلافيا السابقة، إلى جانب أربعة من أبنائه من زيجاته السابقة مختلفاً عن الصورة النمطية للعائلات السياسية الأميركية. عائلة ليبيرالية بامتياز قد تظنّ أن أفرادها لم يجتمعوا منذ فترة طويلة وأن المناسبة التلفزيونية الانتخابية جمعتهم. فلم تخفِ السيدة الأولى المحتملة عدم موافقتها على بعض آراء زوجها ومواقفه. أما ابنته إيفانكا المتزوجة من شاب يهودي والتي استعان بها والدها في حملته الانتخابية من أجل تحسين صورته أمام الأميركيات فقد جاهرت بعدم انتمائها إلى الحزب الجمهوري، وأنها تعتبر نفسها مستقلة وإن كانت ستصوّت لوالدها في انتخابات نيويورك. أما نموذج عائلة كايسيك ومواقف حاكم ولاية أوهايو وأرائه الليبيرالية من الإجهاض وزواج المثليين فقد بدت أيضاً بعيدة من المثال التقليدي للعائلة وفق القيم الجمهورية المحافظة. لذلك يحظى كايسيك بنسبة تأييد واسعة بين الناخبين الجمهوريين في نيويورك ليحل في المرتبة الثانية بعد ترامب الذي تتوقع استطلاعات الرأي فوزه بأكثر من خمسين في المئة. الواضح أن العائلات السياسية ما زالت تلعب دوراً كبيراً في الحياة السياسية الأميركية وإن كانت بعض العائلات العريقة مثل آل بوش بدأت بالانسحاب من المشهد لمصلحة عائلات سياسية حديثة أكثر ليبيرالية مثل عائلة ترامب. طبعاً يبقى أن ننتظر ما سيؤول إليه مستقبل آل كلينتون، وما إذا كانت هيلاري كلينتون ستنجح في العودة إلى البيت الأبيض كأول امرأة أميركية تفوز بالرئاسة.