من الدقيقة الأولى ولساعتين، تحولت مناظرة الجمهوريين في ديترويت فجر أمس إلى «سيرك» استعراضي صاخب، قاطعته صيحات الجمهور، وشتائم بين المرشحين الباقين في السباق إلى معركة الترشح للرئاسة الأميركية باسم الحزب الجمهوري دونالد ترامب وتيد كروز وماركو روبيو وجون كايسيك. فبين الكلام الفاضح لرجل الأعمال ترامب حول عضوه التناسلي، واتهامات منافسيه له بالكذب والنفاق يقف اليمين أمام كابوس تاريخي في الحملة الرئاسية، وهو غير قادر على وقف ترامب أو إيجاد بديل منه. وبدأت المناظرة الأقذر بين كروز وروبيو من جهة وترامب من جهة أخرى على محطة «فوكس» بأسلوب استعلاء سوقي لترامب تفاخر فيه بحجم أعضاء جسمه، وقال: «سخر المرشح روبيو من يديّ قائلاً إنهما صغيرتا الحجم ولمّح إلى أن أعضاء أخرى في جسمي صغيرة. لكن أطمئنكم لا أعاني من أي مشكلة في أعضائي»، في إشارة إلى عضوه الذكري. وفاجأت هذه اللهجة الوسط الأميركي الذي لم يعتدها في الخطاب السياسي، فيما اعتبرتها زوجته ميلانيا ترامب «أمراً عظيماً». وخاطب ترامب منافسه روبيو ب «ماركو الصغير» وكروز ب «تيد الكاذب». وردا بلهجة مماثلة، وقال روبيو إن البليونير النيويوركي «فنان مخادع»، فيما انتقد كروز رصيد ترامب غير المحافظ وتقديمه تبرعات سابقاً للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وتفضيله وزير الخارجية جون كيري على جورج بوش. وأثارت هذه الأمور غيظ ترامب فبدأ يكرر عبارة «كاذب كاذب»، ورد كروز عليه بالقول «تنفس تنفس وأنصحك بالعد للعشرة». وأضاف: «أعرف أنك لا تستطيع الصمت. أنصحك بالتنفس. خذ نفساً عميقاً». وأشار روبيو إلى أن ترامب أسس جامعة باسمه، ووعد الطلاب بدراسة إدارة الأعمال، لكن هذه الوعود لم تتحقق، قائلا إن ترامب سيتعامل بالطريقة ذاتها مع الأميركيين إن أصبح رئيساً. ورد ترامب مفاخراً: «لم توظف أحداً في حياتك بينما عمل لدّي عشرات الآلاف». إلا أن روبيو أجاب: «هل تتذكر فودكا ترامب أو ستيك ترامب»، وهذه لم ينجح ترامب في تسويقها. وخلال المناظرة، أشار منافسو ترامب والصحافيون إلى تناقضات أو تغييرات في موقف البليونير الذي يواجه صعوبات في إقناع المحافظين بأنه واحد منهم، خصوصاً في ملفي الهجرة واقتناء السلاح. ولم ينفِ ترامب تقلبه لكنه وصف ذلك ب «المرونة» قائلاً: «أنا أتغير». وسخر روبيو من ذلك مشيراً، إلى أن الأمر ليس صف رياضة «اليوغا للمرونة». وفي سياق تناوله الشرق الأوسط شدد ترامب على تأييده تعذيب المعتقلين واستهداف عائلات «الإرهابيين» وأولادهم بضربات جوية. وردد مجدداً كيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معجب به. وعكست المناظرة الشرخ العميق داخل الحزب الجمهوري ومحاولة وقف ترامب بأي وسيلة قبل مؤتمر الحزب في تموز (يوليو) المقبل، وبعد فوز رجل الأعمال بعشر ولايات. وانضمت وجوه بارزة في الحزب إلى الحملة ضد ترامب، بينها المرشحان السابقان ميت رومني وجون ماكين. وقال رومني أمس أنه لن يصوت لترامب في حال أصبح مرشح الحزب ووصفه بأنه «محتال». وبدت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون المستفيد الأول من تخبط الجمهوريين، وغرّدت على «تويتر» بصور مبتسمة وأخرى تنتقد مواقف الجمهوريين في القضايا الاجتماعية خلال المناظرة. وتصوّت لويزيانا ونبراسكا وكنساس وماين اليوم، فيما تصوت ولاية ميشيغان الثلثاء المقبل.