كشفت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، عن مشروع لإنشاء «مركز الفن المعاصر» في منطقة الدرعية التاريخيّة، التي كانت عاصمة للدولة السعودية الأولى، وذلك خلال مشاركتها في ملتقى «التراث والفنون الثاني» الذي يقام في الرياض حالياً. وعرض جناح الهيئة في الملتقى، مجسماً للمركز يوضّح انسجام تصميمه مع وظيفته الإبداعية، ويعبّر عن مضمونه ومحتواه الفني، وراعى التصميم المعماري للمركز، في شكل خاص النمط التقليدي للبناء في المنطقة، والهيكل العمراني للدرعية، إضافة إلى محاكاة تصاميم مدن سعودية تاريخية. ويساهم مبنى المركز في إعادة التوازن البصري والربط بين المناطق المطوّرة في برنامج الدرعية التاريخية، والبيئة الطبيعية المحيطة بالموقع، وذلك من خلال استفادة التصميم من تعدّد وظائف المشروع، وتصميمه مباني مستقلة أوجدت تناغماً بين المشروع والبيئة المجاورة من مبانٍ وشوارع ومزارع. وتم استيحاء قيم الدرعية التاريخية وأصالتها في التصميم العمراني للمركز، عبر الاعتماد على الصورة الفنية التجريدية في طريقة البناء، ليظهر المبنى على شكل نحت فنيّ يبعث على استمرارية التواصل مع الأنماط التراثية القديمة في العمارة، إضافة إلى إعطاء المشروع فراغات واسعة ومرونة للنمو المستقبلي أو التعديل إذا تطلَّب الأمر، وهذه الخاصيَّة هي إحدى ميزات النسيج العمراني التقليدي. ويقع مبنى المركز في حي البجيري في الدرعية التاريخية، بإطلالة مستطيلة على وادي حنيفة، تشرف على أطلال حي الطريف المنيفة، وتعتمد الفكرة التصميمية للمركز على إنشاء فراغات شائقة، متنوعة تستوعب مختلف وظائف المركز، من: قاعات للعرض، وقاعات للمحاضرات بمختلف أحجامها، إضافة إلى المكاتب الإدارية والعناصر الخدمية الأخرى. ويمزج تصميم المركز بين تقديمه تصوراً حديثاً للارتقاء الثقافي لإنسان المنطقة، مع الحفاظ على الهوية العمرانية المحلية العريقة والانتماء المتناغم مع المكان، وينسجم كذلك مع البيئة الطبيعية لوادي حنيفة والدرعية التاريخية، وتصطف كتل مباني المركز على ضفة الوادي، من دون أن تؤثر في الرؤية البصرية العامة لجمال الموقع، في الوقت الذي يعبّر التصميم بكفاءة عن الهوية العمرانية التراثية للدرعية التاريخية من خلال نمط تصميم المبنى ضمن كتل مستقلة، تترابط عبر ممرات شاهقة، تتيح الحركة في جميع الاتجاهات. وعرض الجناح خارطة تاريخية تفصيلية لمدينة الرياض، مستوحاة من خريطة الرحالة عبدالله فيلبي، وثّقت لفترة زمنية مهمة من تاريخ مدينة الرياض خلال عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وشملت عناصر عدة من أبرزها: سور الرياض القديم وبواباته التاريخية، والأحياء القديمة (الحلل)، والشوارع الرئيسة والمساجد والكتاتيب والمعالم العمرانية، ومواقع أهم القصور والبيوت والأسواق والمهن، وأبرز الرحالة الذين زاروا المدينة بين عامي 1278 و1349ه، ووصفوها من جوانب ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية.