أي أثر كان ولا يزال للأزمة المالية العالمية منذ الصيف الفائت على محطات التلفزة العربية أو تلك التي تبث الى العالم العربي؟ سؤال لا يتوقف كثر عن طرحه، من دون أن يلقى أي واحد منهم جواباً. ذلك، أن أياً من المحطات أو الشبكات الرئيسة لم يبد متأثراً بالأزمة، في ظاهر الأمور على الأقل. ومردّ ذلك، بالأحرى الى أن «لعبة» الانتشار التلفزيوني في العالم العربي، ليست - الى حد كبير - لعبة مالية أو اقتصادية. هي كل شيء... ولكن ليست مرتبطة برأس المال وتراكمه، حتى وان كنا نعرف أن ثمة محطات تعيش من أرباحها الإعلانية أو من اشتراكات المشاهدين. غير أن في امكاننا أن نقول من دون مغالاة، أن نسبة هذه المحطات الى المجموع قد لا تتعدى العشرين في المئة، ربعها على الأكثر يتقاسم ما نسبته ثلاثة أرباع المداخيل الإجمالية. أما الباقي فهو قائم إما لأسباب أيديولوجية أو سياسية أو حتى انطلاقاً من تنافسات عائلية وربما نكايات أيضاً. من هنا يمكن الافتراض أن مناسبة عالمية مثل مهرجان «كان» يمكنها أن تضع المهتمين على مجابهة ما، مع بعض الواقع الاقتصادي الجديد لعدد لا بأس به من المحطات العربية. فبما أن مهرجان «كان» يبدأ فعالياته خلال هذه الأيام، وبما أن محطات عربية كثيرة، كبيرة أو صغيرة، وأحياناً الصغيرة قبل الكبيرة، اعتادت أن ترسل طواقمها لتغطية هذه الفعاليات، وفي أغلب الأحيان والحالات تغطيات اجتماعية نجومية لا علاقة لها بالبعد السينمائي الفني نفسه، على المهتمين أن يراقبوا الأمور جيداً، ليرصدوا المحطات التي ستهتم هذا العام وترسل طواقمها وتبث برامجها، ملكية حصرية لها، والمحطات التي ستستنكف هذا العام، مكتفية بالنسبة الى بعضها ببث ما يتوافر لها من وكالات الأنباء. ثم، بعد هذا عليهم أن يرصدوا حركة المحطات التي ستحضر: هل ستنفق بسخاء، كما اعتادت أن تفعل، حتى على أسخف الظواهر وأتفه التغطيات، أم ستكتفي بما تحصل عليه، هناك ميدانياً، وبالمجّان؟ ان مثل هذا الرصد، حتى وان لم يتبدّ في نهاية الأمر دقيقاً وكافياً لإعطاء صورة شاملة، فإنه قد يسمح بأخذ فكرة ما عن القضية برمتها، طالما ان الاهتمام التلفزيوني العربي ب «كان» - وربما غير «كان» أيضاً انما بدرجات أقل - يبدو بالنسبة الى محطات التلفزة العربية من الكماليات التي، على ضوء الأزمة - وأحياناً بذريعتها! - يمكن الاستغناء عنها... ولا سيما حين تكون ثمة أزمات مالية متفاقمة تفرض على المحطات - أو بعضها على الأقل - أما الإفلاس أو التقشف، علماً أن الثقافة - ومنها السينما جادة كانت أو غير جادة - هي الميدان الذي يطاوله أي تقشف قبل أن يطاول أي ميدان آخر. فإذا كانت محطات كثيرة، لأسباب تتعلق بالكبرياء، وخوف شماتة الخصوم، قد أعلنت ضمنياً مواصلة برامجها كما هي ونشاطاتها الأخرى كما هي، وفعالياتها السياسية كما هي ما غطى على حقيقة ما يحصل، لا شك في أن السينما ومناسبة «كان»، قد يكونان أكثر كشفاً... لمن يحب أن يرصد ويحسب... ويطلع باستنتاجات.