تصاعدت أمس الأعمال العسكرية في محافظة حلب في شمال سورية، وبرز تقدم تنظيم «داعش» على حساب الجيش السوري والفصائل المقاتلة على حد سواء، في وقت قتل وجرح عشرات بغارات على حلب وسط استمرار المعارك في شمال شرقي البلاد. وزادت المعارك من سوء الأوضاع الإنسانية في ريف حلب الشمالي وتحديداً قرب الحدود التركية، حيث اكتظت مخيمات النازحين الموجودة اصلاً في المنطقة والتي باتت على بعد كيلومترات من جبهات القتال بين تنظيم «داعش» والفصائل المقاتلة. وفي محيط بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، واصل المتطرفون تقدمهم ضد قوات النظام ليسيطروا على قرى وتلال عدة. وتعد خناصر بلدة ذات أهمية للجيش السوري كونها تقع على طريق الإمداد الوحيدة التي تربط حلب بسائر المناطق الخاضعة له والمعروفة بطريق اثريا خناصر. وفي ريف حلب الشمالي، وتحديداً قرب الحدود التركية، تقدم تنظيم «داعش» على حساب الفصائل الاسلامية والمقاتلة، وفق «المرصد». وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن «تمكن تنظيم «داعش» من الفصل بين مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بين مدينة أعزاز، معقلهم في ريف حلب الشمالي، وبلدة دوديان الى الشرق منها». وبالنتيجة، «باتت الفصائل المقاتلة في دوديان بحكم المحاصرة». ومنذ بداية الشهر الجاري، تخوض فصائل مقاتلة اسلامية بمعظمها وبينها فصيل «فيلق الشام» المدعوم من أنقرة، معارك ضد تنظيم «داعش» في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي. وأجبرت هذه المعارك عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم ومخيماتهم خلال اليومين الماضيين. وأعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ان «زحف داعش أجبر في 13 و14 الشهر الجاري ما لا يقل عن نصف سكان مخيمات اللاجئين شرق أعزاز قرب الحدود التركية البالغ عددهم 60 الف نسمة على الفرار». ويضاف الى هؤلاء آخرون فروا من القرى التي تشهد المعارك، ليضافوا الى عشرات آلاف اللاجئين المكتظين اصلاً في مخيمات قرب الحدود التركية. وأوضح جيري سمبسون من «هيومن رايتس ووتش» والموجود على الجهة التركية من الحدود ل «فرانس برس»: «لم يتأثر 30 الفاً فقط بتقدم التنظيم، فمن قبل كان هناك 120 الف نازح على الأقل في هذه المنطقة». وأضاف: «جميع الذين تأثروا بالوضع الحالي يعيشون في مخيمات، وإن كانوا لم يتعرضوا لهجوم من قبل تنظيم داعش، إلا أنهم حالياً على بعد ثلاثة الى سبعة كيلومترت من الجبهات». ولا تزال الحدود التركية مقفلة أمام النازحين، الذين يفترش بعضهم العراء. ولا تقتصر المعارك في حلب على جبهات تنظيم «داعش» إذ تخوض قوات النظام السوري معارك ضد «جبهة النصرة» والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب. وتستكمل قوات النظام هجوماً شمال المدينة هدفه محاصرة الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة. وأعربت واشنطن الجمعة عن «قلقها في شأن العنف في مدينة حلب ومحيطها». وفي مكالمة هاتفية، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف ان «الولاياتالمتحدة تنتظر من روسيا حض النظام على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، فيما نحن سنعمل مع المعارضة من اجل القيام بالأمر ذاته». وتعد معارك حلب الحالية الأكثر عنفاً منذ بدء تنفيذ الهدنة. وعلى رغم أن الاتفاق يستثني «جبهة النصرة» و «داعش» الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة من شأنه أن يهدد الهدنة. وقال «المرصد»: «تعرضت مناطق في حي صلاح الدين الخاضعة لسيطرة الفصائل الاسلامية والمقاتلة لقصف جوي، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية، ترافق مع تجدد قصف قوات النظام على مناطق في الحي، ومناطق اخرى في حي بستان الباشا بمدينة حلب، فيما نفذت طائرات حربية غارة على مناطق في احياء باب الحديد وجب القبة والمشهد وحلب القديمة، بمدينة حلب، ما أسفر عن سقوط أكثر من 10 جرحى ومعلومات أولية عن شهداء»، لافتاً الى مقتل «طفل جراء اصابته بطلق ناري قرب الحدود السورية التركية، واتهم نشطاء قوات حرس الحدود التركي بإطلاق النار عليه وقتله». وتابع: «تعرضت مناطق في ريف جسر الشغور الغربي لقصف من قبل قوات النظام، من دون أنباء عن خسائر بشرية، فيما قصف الطيران الحربي منطقة مطار تفتناز العسكري، بريف إدلب». وإذ تعرضت مناطق في قرى الزيارة والمنصورة والقاهرة بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، قال «المرصد»: «قصفت قوات النظام أماكن في جبل الأكراد، وأماكن أخرى في منطقة اليمضية، بجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي». في شمال شرقي البلاد، استهدف تنظيم «داعش» تمركزات لقوات النظام في محيط قرية الجفرة المحاذية لمطار دير الزور العسكري، ما أدى الى إصابة مصور قناة تلفزيونية محلية تابعة للنظام بجروح، في حين لا تزال محاور عدة في مدينة دير الزور، ومحيط مطارها العسكري، تشهد اشتباكات متفاوتة العنف بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، وفق «المرصد». وأضاف أن معارك جرت ايضاً «في محيط حيي الرصافة والصناعة وفي حيي الحويقة والرشدية بمدينة دير الزور وفي أطراف حي البغيلية بشمال غربي المدينة، وبمحيط مطار دير الزور العسكري، ترافق مع سماع دوي انفجار عنيف في محيط مطار دير الزور، ناجم عن تفجير التنظيم لعربة مفخخة، عقبها قصف للطائرات الحربية على مناطق في محيط المطار وأماكن في قريتي الجفرة والمريعية القريبتين من المطار، كما قصفت طائرات حربية مناطق في احياء الجبيلة والصناعة والحويقة بمدينة دير الزور، في حين استهدف عناصر التنظيم بقذائف عدة مناطق في حيي الجورة والقصور وأماكن في منطقة فندق فرات الشام، والتي تسيطر قوات النظام عليها». في الجنوب، سقطت ليل أمس قذائف هاون عدة على مناطق في بلدة بيت سحم بريف دمشق الجنوبي، ما أدى الى سقوط جرحى، أحدهم في حالة خطرة، بينما دخل وفد من الأممالمتحدة الى مدينة داريا بالغوطة ممثلاً بمبعوثة المندوب الأممي إلى سورية ذلك لمعاينة الواقع الانساني في المدينة، وفق «المرصد» وأشار الى ان قوات النظام «أفرجت عن معتقلين اثنين من حي القابون خلال عملية «تفاوض» مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة في أطراف العاصمة، بينما استشهد عضو «المجلس المدني» في مخيم اليرموك جراء اصابته برصاص قناصة خلال الاشتباكات الدائرة بين جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وتنظيم داعش».