تمكن باحثون سعوديون وصينيون من فك الشفرة الوراثية للجمل العربي (جينوم الجمل) في إنجاز يعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم، بحسب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل.وأوضح السويل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم ورئيس معهد بكين لأبحاث الجينوم الدكتور جان وان في الرياض أمس، أن فريقاً من الباحثين في «المدينة» و «معهد بكين» توصلوا إلى هذا الاكتشاف الذي سيعود بفوائد كثيرة على الاقتصاد الوطني، إذ سيؤدي إلى تطوير وتحسين السلالات من خلال تعريف الجينات المتعلقة بالإنتاجية وبناء النسيج اللحمي في الجمال، كما سينجم عنها تطوير طرق الفحص والكشف عن الأمراض التي تصيب الجمال ودرس جهازها المناعي المميز. وقال: «إن تفكيك شفرة المعلومات الوراثية الكاملة لأي كائن تؤدي إلى رسم الخريطة الوراثية له، وهذه الخريطة تحدد مسؤولية ووظيفة كل صفة من صفات المخزون الوراثي للكائن التي تساعد بدورها على فهم جميع الصفات الوراثية وآليات العيش والتعايش ومقاومة الأمراض». وذكر أن دراسات الجينوم من الدراسات العلمية المتقدمة، إذ يتم التعرف على الشيفرات الوراثية وتحليلها والتي يصل طولها إلى آلاف الملايين من الأحرف الوراثية التي تسمى «قواعد نيتروجينية» مرتبة ومتسلسلة للتعبير عن وظائف وراثية تمكن الحيوان من العيش والنمو والتكاثر. وأضاف السويل أن هذا المشروع أتاح للسعودية توطين تقنية علم الوراثة الحيواني للمرة الأولى كما أسهم بفاعلية في إعداد وتدريب كوادر وطنية مؤهلة في إجراء البحوث العلمية في مجالات الهندسة الوراثية بمختلف تطبيقاتها. من جهته، أعرب وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم عن أمله أن يسهم هذا المشروع في تمكين العلماء من إعداد خريطة جينية لتسلسل الحامض النووي في سلالات الإبل المختلفة لتنعكس بدورها على تحقيق عوائد إيجابية على الإبل في السعودية. واستعرض جهود وزارة الزراعة في الاهتمام بالإبل والمحافظة عليها، لافتاً إلى أنها بدأت في مجال أبحاث الإبل منذ عام 1403 ه بإنشاء محطة أبحاث الإبل بالجوف، بتربية قطيع يشمل أهم سلالات الإبل في المملكة وإجراء البحوث المتعلقة بتحسين وتأصيل تلك السلالات، ودرس إمكاناتها الإنتاجية من اللحوم والحليب، وحاجاتها العلفية والعوامل الاقتصادية المتعلقة بتربيتها، وسلوكها الرعوي في بيئاتها البرية، وحصر الأمراض التي تصيبها. وتطرق إلى المشروع المشترك بين وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية لتنمية وحماية وتحسين الإبل في المملكة الذي يتم العمل من خلاله على تأهيل كوادر وطنية متخصصة لتطوير الأبحاث في مجال الإبل، وتجهيز بنية تحتية لخدمة البحث العلمي في هذا المجال من حظائر ومختبرات وعيادات بيطرية متخصصة، وتطوير قاعدة بيانات لجمع وتوثيق المعلومات المتعلقة بتربية الإبل في المملكة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث العلمي وبيوت الخبرة داخل المملكة وخارجها. وأشار وزير الزراعة إلى بعض المنجزات التي تحققت في هذا المجال ومن أهمها إنتاج لقاح جدري الإبل الذي يطلق عليه «لقاح الجوف» للمرة الأولى على مستوى العالم، وتحديد الجرعة المناسبة لتطعيم الإبل ضد مرض البروسيللا، وإدخال الميكنة في حلب الإبل بصورة عملية، وتشجيع القطاع الخاص على تبني التقنيات الحديثة في تربية الإبل، وتنفيذ عدد من الدراسات والبحوث في مجال إنتاج اللحم والحليب والتغذية والأمراض ونشرها في المجلات العلمية والمتخصصة. وأكد رئيس معهد بكين لأبحاث الجينوم الدكتور جان وان أن هذا المشروع أوجد كماً هائلاً من المعلومات ستستخدم لتطوير صحة الإبل وبالمثل صحة البشر. وتابع: «بمقارنة الجينومات البشرية وجينومات الماشية يمكن فهم الحيوية النوعية للجمل أكثر وبشكل أفضل وعلى سبيل المثال الجينات التي تساعده على التكيف للعيش في الصحراء والاستجابة المناعية في الجمل». وذكر أن العلاقة بين السعودية والصين تتوثق أكثر فأكثر، إذ ان 20 في المئة من واردات النفط الصينية تأتي من السعودية والآن امتد التعاون بين الدولتين إلى مجالات أوسع منها مجال العلوم الحيوية. يذكر أن معهد بكين لأبحاث الجينوم تأسس عام 1999 لمشروع الجينوم البشري، وله أكبر سعة تسلسلية في العالم ويركز على تطوير الصحة البشرية وأتم عدداً كبيراً من المشاريع التي تشكل تسلسل 1 في المئة من الجينوم البشري للمشروع الدولي لجينوم البشر، وأسهم بعشرة في المئة في المشروع الدولي للتعرف على تصنيف التشابهات والاختلافات الوراثية في البشر والمعروف باسم «هاب ماب»، وأطلق المعهد مبادرة الدراسة الحيوية - الطبية الوطنية لدرس الأمراض الوراثية في الشعب الصيني.