تذكّر المنازعة بين شركة «آبل» وال «إف بي آي»، ب «إرث أوباما» الثقيل المتمثّل في فضيحة تجسّس «وكالة الأمن القومي» إلكترونيّاً على دول العالم قاطبة. وبعد الضوء الكاشف الذي ألقاه خبير المعلوماتية الأميركي إدوارد سنودن على الإمكانات التي تمنحها المعلوماتية لمؤسسات الدولة في رقابة الاتصالات بأنواعها كافة، صار هاجس حماية المعلومات الفردية، من قوائم العناوين والمكالمات إلى رسائل «إس إم إس» مروراً بمواد «واتس آب»، مهيمناً بصورة واسعة. ويشير بروز ذلك الهاجس إلى انتشار متواصل (يحدث غرباً، عندنا لا نجد حتى صدًى له) للوعي بأهمية حماية المعلومات الفردية في أجهزة الاتصالات. إذا كان تنصّت «وكالة الأمن القومي» الأميركية على الهاتف الذكي للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل أثار أزمة بين قوتين دوليتين كبيرتين، ماذا عن الأجهزة التي يحملها الأفراد العاديّون؟ ألا يظن كل من يحمل خليويّاً أن المعلومات التي فيه مغلق عليها في طيّات ذلك الجهاز؟ ماذا لو قيل أن كل كلمة ورقم ومعلومة تكتب على الخليوي، تصل (أو هناك إمكان مفتوح تماماً لأن تصل)، إلى عيني «الأخ الأكبر»؟ لا يقتصر الأمر على «وكالة الأمن القومي»، ولا حتى على المؤسسات الاستخبارية المتعددة التي كشف سنودن أنها منخرطة في التعاون (نقرأ أيضاً: التجسّس) مع تلك الوكالة. ماذا لو وسّعت «وكالة الأمن القومي» نطاق تعاونها؟ حاضراً تنخرط أميركا في نسج شبكة تحالف لمحاربة «داعش»، ماذا لو جاء في سياق التحالف التعاون في مجال التنصّت على شبكات الاتصالات وأجهزتها، بما فيها هواتف الأفراد؟ ألا يعني ذلك أن الحرب على «داعش» تضع أجهزة الاتصال الشخصيّة في مهب التجسّس الإلكتروني لوكالات استخبارات متعاونة، محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً؟ بقول آخر، وضعت حرب «داعش» الشرق الأوسط وشعوبه قسراً في مسار الاهتمام بالحماية التقنيّة للمعلومات الفرديّة على الهواتف الشخصيّة، وهو ما يعبّر عنه تقنيّاً بمصطلح «تشفير» Encryption المعلومات. «آبل» تصارع «إرث أوباما» وتستهل نظاماً عالمياً جديداً للإنترنت لنفترض أنها ... الصين! التشفير ضرورة للمواطن مقاومة تقودها «مايكروسوفت»