من المتوقع أن تعلن السعودية خلال الأسابيع القليلة المقبلة خطة التحول الوطني 2020 التي صممت لإعادة هيكلة اقتصاد أكبر مصدّر للنفط في العالم، كي لا يُعتمد مستقبلاً بصورة شبه حصرية على إيرادات النفط. ولا تزال السرية تكتنف الخطة التي سيجري تنفيذها على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، لكن السياسات التالية تخضع للدراسة، بحسب تصريحات عامة وخاصة لمسؤولين واستشاريين ورجال أعمال شاركوا في رسم ملامح الخطة، وجرى الحديث عن الكثير من هذه الإصلاحات لأعوام، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ. وتواجه المملكة عدداً من التحديات الاقتصادية، أبرزها اعتماد الاقتصاد بصورة رئيسة على النفط وارتفاع معدل البطالة، في ظل ضعف فرص الأعمال المستدامة للمواطنين، إلى جانب غياب الشفافية في قياس أداء الأجهزة الحكومية، وضعف كفاءة تنفيذ المشاريع وإنجازها. وتهدف الخطة عموماً إلى تنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتعزيز دور الاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وزيادة الإنتاج وتطوير الأداء الحكومي. وتتضمن الخطة في مجال الخصخصة، تحديد 18 قطاعاً لخطط خصخصة محتملة، وفي الكثير من الحالات قد يعني ذلك بيع حصة صغيرة وليست مسيطرة في الشركات المستهدفة خصخصتها. ومن المقرر أن يجري طرح ما يصل إلى 5 في المئة من شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام، وتشمل الأهداف الأخرى شركات في قطاعات التعليم والنقل والرعاية الصحية والتعدين، وتضم قائمة الشركات التي جرى الإعلان عن خطط لخصخصتها البريد السعودي والمؤسسة العامة للموانئ وبعض وحدات الخطوط السعودية ومستشفيات حكومية وأندية رياضية. وفي مجال استثمارات القطاع الخاص، قالت الحكومة إنها تخطط لإنشاء «مناطق حرة» بالقرب من المطارات لجذب الشركات الأجنبية، ومن المقرر أن توفر تلك المناطق قواعد جذابة في ما يتعلق بالتأشيرات والضرائب وإجراءات تراخيص مبسطة. علاوة على ذلك، ستقوم بعض الوزارات، بما في ذلك وزارتا التعليم والصحة، بجذب استثمارات للقطاع الخاص في بعض عملياتها، كما ستسعى الحكومة لجذب استثمارات للقطاع الخاص في قطاع السياحة بالمناطق الواعدة غير المطورة، مع التركيز بصورة كبيرة على الشركات التي تعمل بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (بي.أو.تي). ومن المنتظر أن يعلن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عن 133 إجراء، لتحسين الشفافية واتساق القوانين التي تؤثر في عمل الشركات. وبحسب تقرير سهولة أداء الأعمال الصادر عن البنك الدولي في آذار (مارس) 2016، احتلت السعودية في 2016 المرتبة ال82 في قائمة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال التي تضم 189 اقتصاداً، وتسبقها في القائمة بلدان مثل روسيا وقطر والبحرين وعُمان. وتتضمن الخطة لوائح تنظيمية، إذ سيجري تحديد أهداف وطنية للحكومة ومؤشرات قياس الأداء لكل وزارة على حدة، بهدف زيادة كفاءة المؤسسات الحكومية وتحقيق الأهداف الوطنية العامة. وستتمكن الوزارات من تحويل بعض الوحدات التابعة لها إلى شركات تجارية مستقلة، على أمل زيادة كفاءتها، حتى وإن ظلت مملوكة للدولة. وحول الاحتياطات المالية، فمن المتوقع أن تستثمر الحكومة الإيرادات النفطية بقوة في الأسواق والأصول العالمية، لتحقيق عوائد أكبر والاستحواذ على حصص في شركات من شأنها أن تدعم خطة التحول الوطني، وسيلعب صندوق الاستثمارات العامة دوراً أكبر في إدارة ثروة المملكة، وسيستحوذ على شركات مثل أرامكو، التي سترفع حجمه إلى تريليوني دولار. أما عن الإصلاحات المالية، فإن الحكومة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة بحلول العام 2020، عبر مزيد من الخفض في الدعم الحكومي لأسعار الطاقة وفرض ضرائب ورسوم. فعلى سبيل المثال، سيجري فرض ضريبة قيمة مضافة في منطقة الخليج تصل نسبتها إلى 5 في المئة بحلول العام 2018، وستجري زيادة الرسوم التي تدفعها الشركات على العمالة الأجنبية، إذ بلغ عجز الموازنة 98 بليون دولار في 2015. أما عن إصلاحات سوق العمل، فتهدف الحكومة إلى خلق وظائف لنحو 1.3 مليون مواطن في القطاع الخاص على مدى الأعوام القليلة المقبلة، وسيتم ذلك عبر إجراءات، من بينها منع المقيمين من العمل في بعض القطاعات، مثل السياحة والعقارات وبيع المجوهرات والخضراوات، وقصر العمل على المواطنين فقط.