واصل «المنتدى الوزاري السباعي» الإسرائيلي مناقشاته أمس في الدعوات الدولية المتزايدة إلى تشكيل لجنة تحقيق في تفاصيل الهجوم العسكري الإسرائيلي على قافلة سفن «أسطول الحرية» لكسر الحصار على قطاع غزة الأسبوع الماضي. وارفضّ اجتماع أول من أمس من دون اتخاذ قرار بعد تراجع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو عن قبول اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة دولية برئاسة رئيس حكومة نيوزيلندا السابق جيفري بالمر وعضوية الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا، خشيةً من «سابقة خطيرة». وساد اعتقاد بأن المنتدى الوزاري يتجه إلى تشكيل «لجنة فحص» إسرائيلية بمشاركة مراقبين دوليين. وحيال التعتيم على مداولات الاجتماع، رجحت مصادر إعلامية أن تقرر إسرائيل تشكيل «طاقم فحص» أو «تقصي حقائق» (لا لجنة تحقيق) يضم خبراء إسرائيليين في القانون الدولي معروفين دولياً ينضم إليهم رجلا قانون أو ثلاثة دوليون «بموافقة إسرائيل» من دون أن تكون لهم صلاحيات في الفحص أو التحقيق، وتكون المهمة الرئيسة للطاقم فحص قانونية الحصار البحري على قطاع غزة وسبل تنفيذه، وفحص أحداث اعتراض البحرية الإسرائيلية السفن المتضامنة، الأسبوع الماضي، «شرط عدم التحقيق مع المقاتلين الإسرائيليين من الوحدة البحرية 13» أو مع قادتها أو أي من القادة العسكريين. وأضافت هذه المصادر أن إسرائيل، وإزاء الضغط الدولي عليها لتشكيل لجنة تحقيق، باتت مقتنعة بأن تشكيل «طاقم فحص» إسرائيلي هو «أهون الشرور»، وأنها تحاول إقناع الولاياتالمتحدة ودول أخرى بينها تركيا بتأييد تشكيل مثل هذا الطاقم. وتحدثت صحيفة «يديعوت أحرنوت» عن «مكبس ضغوط دولية» على إسرائيل لتشكل لجنة تحقيق. وأشارت إلى أن عدداً كبيراً من قادة العالم تحدثوا إلى نتانياهو في اليومين الماضيين، وطالبوه بتشكيل مثل هذه اللجنة، كما نصحه مسؤولون أميركيون كبار بقبول اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة «الذي يتضمن عناصر إيجابية جداً»، مضيفين أن من شأن لجنة كهذه «أن تفضح العلاقة بين رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان ومنظمة IHH». وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الولاياتالمتحدة حذرت إسرائيل من أن «المماطلة في اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق قد تؤدي إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن وإدانة إسرائيل في شكل شديد اللهجة، وربما اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية أخرى، وأنه لن يكون في وسعها (الولاياتالمتحدة) منع إدانة كهذه»، كما تؤيد الجهات المهنية في وزارة الخارجية الإسرائيلية قبول اقتراح الأمين العام «بعدما تبين من فحص قامت به أن بالمر (المطروح اسمه لرئاسة اللجنة) صديق لإسرائيل». وقال نتانياهو لوزرائه إنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة ان إسرائيل تدرس خيارات أخرى وأن «استيضاح حقيقة ما جرى يجب أن يتم بمسؤولية وموضوعية ومن خلال الحفاظ على المصالح القومية لإسرائيل وجيشها». واعتبر موافقة إسرائيل على الاقتراح «سابقة خطيرة»، فيما اقترح وزير الدفاع إيهود باراك الانتظار أسبوعين أو ثلاثة ريثما يخف الضغط الدولي على إسرائيل للتحقيق في الهجوم. وأوضح نتانياهو وباراك أنه بغض النظر عن شكل اللجنة التي سيتم تشكيلها، سواء داخلية أو دولية، فإنهما يعارضان بشدة إخضاع أي من أفراد «الوحدة البحرية 13» الذين شاركوا في الهجوم أو قادة الوحدة إلى أي تحقيق. واقترح وزير القضاء يعقوب نئمان والمستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين على نتانياهو تشكيل «لجنة فحص» إسرائيلية برئاسة قاض متقاعد وإشراك مراقبين أجانب من دون أن يتمتعوا بصلاحيات تحقيق، «لكن في وسعهم التيقن من أن اللجنة تقوم بتحقيق موضوعي ومحايد». ونصح فاينشتاين بتشكيل مثل هذه اللجنة «قبل أن يفرض العالم على إسرائيل لجنة تحقيق دولية على غرار لجنة غولدستون» التي حققت في العدوان على غزة واتهمت إسرائيل بارتكاب «جرائم حرب» في القطاع. وأبلغ الجيش الإسرائيلي المنتدى الوزاري أمس أنه انتهى من التحقيق العملياتي في اعتراض قافلة السفن. وقدمت قيادته تقريراً للمنتدى «ليشكل أساساً لعمل أية لجنة فحص أو تحقيق في المستقبل»، أي إخراج الجيش من دائرة التحقيق. ووفقاً للتقرير، فإن الجيش «تصرف وفقاً لكل المعايير الدولية» وأن جنوده «تحلّوا بقدر كبير من ضبط النفس» تجاه المتضامنين على متن السفن «على رغم أن المخابرات العسكرية لم تكن على علم بوجود ناشطين إسلاميين متطرفين على متن سفينة مرمرة» التركية. من جهته، أقرّ مستشار وزير الدفاع اللواء في الاحتياط عاموس غلعاد بأن تداعيات اعتراض قافلة السفن «تسببت في تغيير جوهري في علاقة المجتمع الدولي بإسرائيل». وأضاف انه لا يستبعد «أن ينشأ وضع تكون فيه عملية السلام عالقة ويقوم فيه تحالف معاد لإسرائيل... بل ثمة خطر بعزلة تامة وربما انعكاسات عسكرية». وزاد: «لم نكن أبداً في وضع اضطررنا فيه إلى إعادة تقويم استقرار العلاقات مع دول صديقة لنا، مثلما هو الوضع الآن». إلى ذلك (أ ف ب) أعلنت دائرة الهجرة الإسرائيلية أمس ترحيل جميع الناشطين المؤيدين للفلسطينيين وأفراد طاقم السفينة الإنسانية الإرلندية «ريتشل كوري» ال 19 الذين حاولوا كسر الحصار على غزة. وقالت ناطقة باسم الدائرة إن خمسة إرلنديين بينهم الحائزة جائزة نوبل للسلام المدافعة عن القضية الفلسطينية ميريد ماغواير استقلوا طائرة في وقت مبكر أمس. وتم إبعاد ستة رعايا ماليزيين وكوبي أول من أمس براً عبر الأردن. والبقية وهم ستة فيليبينيين وبريطاني تم ترحيلهم جواً أول من أمس أيضاً. وكانت البحرية الإسرائيلية سيطرت من دون عنف السبت على سفينة المساعدات «ريتشل كوري» وهي في طريقها إلى غزة، بعد أقل من أسبوع على اعتداء قواتها الدامي على «أسطول الحرية» الذي أدى إلى مقتل تسعة اتراك.