في بعض مراحل النضال الفلسطيني المسلح اختلط الحق بالباطل، والجهاد بالإرهاب و "الزعرنة"، وصار خطف الطائرات وقتل المدنيين جزءاً من مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، ورفع بعضهم شعار تحرير القدس عبر عواصم عربية. خسر الفلسطينيون المقاومة المسلحة، حتى أصبحت المقاومة مرادفاً للإرهاب في نظر الغرب. فجاء الفرج من اطفال الحجارة. لكن بعض المناضلين لم يفهم ان قوة الحجارة في ضعفها، فاستبدلها بالبندقية، وخسر تعاطف العالم. اليوم عادت الفرصة على ظهر مرمرة. مقاومة سلمية كسبت تعاطفاً دولياً غير مسبوق. سفن الحرية حجر جديد. حجر دولي. حجر يعوم، ويثير الإعلام. مقاومة سلمية تستعصي على المواجهة المسلحة. هذه السفن أصبحت حركة دولية واسعة لمقاومة الاحتلال والظلم، واسرائيل باتت تدرك خطورتها، وتسعى الى إفسادها من خلال استفزاز الفلسطينيين، والحصول على رد فعل على طريقة صواريخ القسام، التي لا تصيب ولا تدوش. وهي تنشط الآن لوقف حركة هذه السفن، وبأي ثمن، وربما قبلت فك الحصار عن غزة على نحو يفسد هذه المقاومة السلمية الجديدة. والأيام القليلة المقبلة ستحمل اقتراحات هدفها فك الحصار عن غزة، لضمان سيطرة اسرائيل على الوضع. مثل تشكيل لجنة دولية تكون اسرائيل جزءاً منها لتفتيش السفن الآتية الى غزة. المهم ان تتوقف سفن الحرية، تتوقف حجارة البحر التي تجيد العوم في فضاء الإعلام. المعركة مع اسرائيل اليوم ليست إيجاد فرجة للنفاذ من حصار غزة، بل منع اسرائيل من النفاذ الى اسطول الحرية، وإجهاض المقاومة السلمية المتمثلة في سفن الحرية. المعركة هي ضمان استمرار تدفق هذه السفن، واستعادة المقاومة السلمية والمحافظة عليها، ومنع اسرائيل، وحماقة بعض الفلسطينيين من وقفها. ولا بد للحركة الفلسطينية في الداخل ان تتناغم مع حركة هذه السفن. يجب ان تتوقف الصواريخ، والاعمال الانتحارية. كل الجهود يجب ان تهيئ الظروف لاستمرار عرض صور هذه السفن على شاشات الإعلام. الاكيد ان الدول الغربية التي تدعم اسرائيل، وتسكت عن جرائمها، لن تستطيع ان تقاوم هذه السفن، وسيصعب عليها السكوت عن استهدافها. ومثلما نحت اطفال فلسطين كلمة "انتفاضة"، في ذاكرة الغرب وقواميسه يجب ان تنحت هذه السفن فعلاً جديداً لمقاومة الاحتلال... نحن أمام مرحلة جديدة من المقاومة السلمية يجب ان نتمسك بها ونحميها من الرعونة والعنف، والحلول الكاذبة.