انتقدت حركة «حماس» وعشرات المنظمات الأهلية والحقوقية قرار الرئيس محمود عباس تشكيل المحكمة الدستورية الأولى في فلسطين، من دون التشاور مع أي جهة. ووصفت حركة «حماس» إصدار عباس مرسوماً بتشكيل المحكمة بأنه «إجراء غير قانوني»، فيما طالبت المنظمات بأن يأتي تشكيلها تتويجاً لإعادة الحياة الدستورية وتوحيد القضاء. وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تصريح صحافي أمس أن تشكيل المحكمة «يعكس حال التفرد والتنكر للشراكة الوطنية». واعتبر أن «استمرار عباس في رئاسة السلطة كان بالتوافق، لذا فإن أي قرارات عليا مثل تشكيل المحكمة الدستورية يجب أن تعتمد على التوافق إلى حين إجراء الانتخابات» الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني. وأضاف أن «معظم أعضاء المحكمة ينتمون الى حركة فتح، ما يجعلها محكمة حزبية ويناقض القانون الذي ينص على ضرورة عدم انتماء أعضاء المحكمة لأي أحزاب». وتتألف المحكمة من تسعة قضاة رجال، وبعضهم لا علاقة له بالقانون الدستوري، وليس من بينهم أية قاضية، علماً بأن فلسطين من أوائل الدول العربية والعالم التي تبوأت فيها المرأة منصب قاضية ووكيل للنائب العام ومحامية. ووجهت مؤسسات أهلية وحقوقية رسالة إلى الرئيس عباس غداة الإعلان عن تشكيل المحكمة، طالبته فيها ب «ضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة الدستورية العليا خطوة لاحقة تتوج إعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) وإعادة توحيد القضاء الفلسطيني». وشددت المؤسسات على ضرورة أن «لا يأتي تشكيل المحكمة مبنياً على محاصصة سياسية يسعى من خلالها أي حزب أو جهة سياسية للسيطرة على هذه المحكمة». ووصفت المحكمة الدستورية العليا بأنها «حارسة القانون الأساسي، وحامية الحقوق والحريات العامة، فحياديتها ونزاهتها واستقلاليتها شأن ينبغي عدم المساس به». ودعا الرئيس عباس إلى «ضرورة أن يراعي تشكيل المحكمة الدستورية العليا تمثيل النساء كمعيار غير تمييزي، وتحقيقاً لالتزامات دولة فلسطين تجاه الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، التي انضمت لها من دون تحفظات، وفي سبيل تحقيق المساواة، ولما فيه من خطوات في سبيل تحقيق العدالة بين المواطنين والمواطنات الفلسطينيات كافة.» وعبرت المؤسسات عن تطلعها الى «شراكة حقيقية وأداء تكاملي بين المجتمع المدني ومؤسسات دولة فلسطين»، مشيرة الى أنها فوجئت ب «حال التكتم والسرعة التي تمت فيها هذه التشكيلة، من دون الأخذ بعين الاعتبار مطالب المؤسسات التي سبق أن قدمتها في مذكرات رفعتها للرئيس عباس في العام 2014». وكان المستشار القانوني للرئيس عباس المحامي حسن العوري أعلن أول من أمس أن الرئيس عباس شكل المحكمة، واصفاً تشكيلها بأنه «إنجاز وطني لحماية الدستور والقوانين، حيث ستتولى الرقابة على دستورية القوانين واللوائح والأنظمة، وتفسير نصوص القانون الأساسي والتشريعات، والفصل في تنازع الاختصاص بين سلطات الدولة». وأشار العوري الى أنه «تم تشكيل المحكمة الدستورية من قضاة محكمة عليا (قاضيان)، وأكاديميين وخبراء في القانون الدستوري ومحامين، وهي استحقاق دستوري قانوني سيعمل على التخفيف من العبء الملقى على عاتق المحكمة العليا».