تتخبط إسرائيل في سبل صد الانتقادات الدولية على عمليتها العسكرية الدموية ضد قافلة الحرية، وتشهد قيادتها انقساماً في الرأي بشأن شكل "التحقيق" الواجب إجراؤه حيال قرار لجنة حقوق الإنسان الأممية تشكيل لجنة تحقيق دولية. وفيما يسود إجماع حول رفض التعامل مع لجنة أممية، فإن ثمة ميلاً لدى بعض أركان الحكومة لقبول اقتراح الولاياتالمتحدة تشكيل لجنة تحقيق دولية تقودها الولاياتالمتحدة لا الأممالمتحدة، تضم خبراء دوليين محايدين، ما من شأنه أن يقطع الطريق على لجنة حقوق الإنسان الأممية وإجراء تحقيق برعاية الأممالمتحدة. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في عنوانها الرئيس اليوم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يميل إلى قبول الاقتراح الأميركي كونه "أهون الشرور" خصوصاً أن لجنة كهذه ليست مخولة "استخلاص عبر" في كل ما يتعلق بالقرارات السياسية التي سبقت الهجوم على السفن، أي أنها ليست مؤهلة تقديم توصيات ضد نتانياهو أو وزير الدفاع ايهود باراك. وتابعت أن عمل اللجنة المقترحة سيتمحور في عملية السيطرة على السفن لا في سيرورة اتخاذ القرار السياسي لتنفيذ العملية. ووفقاً للصحيفة فإن نتانياهو وباراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يؤيدون تشكيل لجنة كهذه "لقناعتهم انه لا يوجد لإسرائيل ما تخفيه وانها تحركت في نطاق القانون الدولي الذي يتيح لكل دولة الدفاع عن نفسها". وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن لجنة كهذه أفضل بكثير من لجنة أممية على غرار "لجنة غولدستون"، التي حققت في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، كما أنها أفضل، بالنسبة للمستوى السياسي من "لجنة تحقيق رسمية" تشكلها إسرائيل برئاسة قاض من المحكمة العليا تتمتع بحسب القانون بصلاحيات واسعة منها التوصية بإطاحة رئيس الحكومة أو وزير الدفاع في حال رأت أنهما مسؤولان عما حصل. صحيفة "هآرتس" أفادت بأن الاقتراح الأميركي يقضي بتشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية بمشاركة مراقب أميركي، لكن الصحيفة أشارت إلى أن نتانياهو ليس متحمساً للفكرة و أن وزير الدفاع ايهود باراك يعارضها بشدة كذلك النائب الأول لرئيس الحكومة موشيه يعالون. وتابعت أن المؤسسة الأمنية ترفض رفضاً قاطعاً تشكيل أية لجنة خارج الجيش. في المقابل يؤيد وزراء بارزون آخرون التجاوب مع العرض الأميركي "لأنه يفضَّل أن نبادر نحن إلى تشكيل لجنة قبل أن يفرضها العالم علينا". في غضون ذلك شرعت وزارة القضاء في إعداد الترتيبات اللازمة لمواجهة احتمال تعرض باراك وشخصيات عسكرية أخرى رفيعة شاركت في إقرار الهجوم على السفن لأوامر اعتقال في دول اوروبية أو لاحتمال التوجه للمحكمة الدولية الجنائية في لاهاي. وقالت "هآرتس" إن القانون يتيح لتركيا، إن رغبت في ذلك، التوجه إلى المحكمة بطلب التحقيق في مقتل تسعة من مواطنيها على يد الجنود الإسرائيليين. وقال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في تصريحات اليوم إن لا يخشى أية لجنة، معلناً تأييده تشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية "مفتوحة وشفافة برئاسة رجل قانون رفيع المستوى"، مؤيداً مشاركة مراقبين أجانب. وهاجم ليبرمان مجلس حقوق الإنسان الأممي على قراره تشكيل لجنة تحقيق وقال إنه لا ينبغي التعاطي مع هذه الجهة. وقال: "رأينا مفهوم حقوق الإنسان لدى القاضي غولدستون الذي أصدر 18 حكماً بالإعدام إبان عهد الأبرتايد في جنوب أفريقيا. وتطرق ليبرمان إلى سفينة "راشل كوري" المبحرة نحو قطاع غزة وقال إن إسرائيل تجري اتصالات متواصلة مع جهات في ايرلندا وسفيرها في تل أبيب "واقترحنا عليهم اقتراحات بناءة لمنع وصول السفينة والحيلولة دون مواجهة، لكننا مع كل هذا لن نسمح للسفينة الايرلندية بالوصول إلى شواطئ غزة، وأوضحنا ذلك للايرلنديين، رافضاً الرد عما إذا كانت إسرائيل ستلجأ للقوة لمنع السفينة من الوصول، لكنه أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي وسلاح البحرية استخلصا العبر من أحداث "قافلة السفن" وسيكونان مستعدين أفضل مما كان لمواجهة السفن". وكان وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن اليعيزر قال صباح اليوم في جلسة وزراء حزب "العمل" إنه يجب إقامة لجنة تحقيق دولية لأنه ليس هناك ما نخفيه، ويجب تهدئة الانتقادات". وأضاف أن الحملة الإعلامية الإسرائيلية خلال وبعد اعتراض السفن كانت "مخزية". من جهته، اعرب وزير المال يوفال شتاينتس عن معارضته للجنة تحقيق دولية واقترح تشكيل "لجنة تدقيق" في الوقائع من قبل لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست، الا انه لم يستبعد "لاسباب تكتيكية" ان "تضطر اسرائيل مع الاسف" الى حل اخر.