استعادت فصائل سورية معارضة فجر أمس قرى وبلدات عدة في ريف حلب الجنوبي بعدما شنّت هجوماً ضخماً شارك فيه انتحاريون فجّروا عرباتهم بمواقع للقوات النظامية وحلفائها من ميليشيات شيعية تعمل بإشراف «الحرس الثوري» الإيراني. وجاء تقدّم المعارضين في وقت أعلنت الحكومة السورية أن قواتها حققت مزيداً من التقدم نحو مدينة القريتين التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في ريف حمص الجنوبي الشرقي. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) أن «جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والحزب الإسلامي التركستاني وفيلق الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية والفرقة 13 وفصائل أخرى تمكنت فجر اليوم (أمس) من استعادة السيطرة على بلدة العيس وتلتي العيس والمقالع وعدة نقاط وتلال أخرى بريف حلب الجنوبي، عقب هجوم واسع وعنيف نفذته جبهة النصرة والفصائل منذ عصر (أول من) أمس دارت على إثره أعنف الاشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها ترافقت مع تفجير جبهة النصرة 3 عربات مفخخة في المنطقة، وسط قصف مكثف ومتبادل بين الطرفين بالإضافة إلى القصف الجوي من قبل طائرات حربية ومروحية». وأضاف: «أسفرت الاشتباكات بين الطرفين عن عشرات القتلى والجرحى في صفوفهما». وذكر المرصد في تقرير لاحق أن اشتباكات «متفاوتة العنف» تواصلت خلال النهار بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وبين الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى، في محيط قرية أبو رويل وتلال مصطاوي ودلبش بريف حلب الجنوبي وسط تقدم للطرف الأخير ومعلومات مؤكدة عن سيطرته على أجزاء واسعة من هذه المناطق». كذلك أشار المرصد إلى «استمرار الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في محيط بلدة العيس وتلتها اللتين سيطرت عليهما الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة فجراً، في محاولة من قوات النظام استعادة السيطرة عليهما». ولم تشر وكالة الأنباء السورية «سانا» الرسمية إلى تقدم «النصرة» وفصائل المعارضة الأخرى في ريف حلب الجنوبي، لكن موقع «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» الذي يشارك في المعارك إلى جانب القوات الحكومية السورية، أكد أن المعارضين سيطروا بالفعل على العيس ومحيطها. ونقل «الإعلام الحربي» تصريحاً لمن سمّاه «القائد الميداني لمنطقة عمليات جنوب حلب في الجيش العربي السوري وحلفائه» قال فيه إن «جماعات تكفيرية» استغلت «الهدنة» السائدة منذ شباط (فبراير) الماضي وشنت «هجوماً على محاور الجيش في خان طومان، العيس، تليلات، تل دادين و تل الأربعين بهدف السيطرة على ... ريف حلب الجنوبي بالكامل». وأكد هذا القائد العسكري أن المهاجمين اضطروا إلى الانسحاب من معظم المواقع التي تقدموا نحوها «في حين تستمر الاشتباكات في منطقة العيس»، في إقرار غير مباشر بأن القوات النظامية تراجعت فيها. وسمّى موقع «الإعلام الحربي» عشرات قال إنهم قُتلوا في هجوم «النصرة» وبقية الفصائل على ريف حلب الجنوبي. في غضون ذلك، تواصلت المعارك حول مدينة القريتين في ريف حمص الجنوبي الشرقي بعد أيام من سيطرة القوات النظامية على مدينة تدمر إلى الشرق منها. ونقلت «سانا» عن مصدر عسكري أن «(قوات) الجيش بالتعاون مع القوى المؤازرة نفذت صباح اليوم (أمس) عمليات مكثفة ضد إرهابيي داعش في مدينة القريتين أسفرت عن إحكام السيطرة على تلة ثنية حمص والقضاء على مجموعات إرهابية من التنظيم تسللت إلى جبل جبيل والنقطة 861» في محيط المدينة. وتقع القريتين على بعد 85 كلم جنوب شرقي مدينة حمص ومن الواضح أنها الهدف المقبل لقوات النظام بعد سيطرتها على مدينة تدمر يوم الأحد الماضي. ولفتت «سانا» أيضاً إلى أن الطائرات السورية شنت غارات غرب بلدة السخنة ومحطة آرك النفطية بريف تدمر، ما أدى إلى تدمير آليات لتنظيم «داعش». وذكرت «سانا»، في غضون ذلك، أن «وحدة من مجموعات الدفاع الشعبية التي شاركت في إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة تدمر، عثرت (أول من) أمس على مقبرة جماعية عند الأطراف الشمالية الشرقية من مدينة تدمر انتشل منها جثامين 40 شهيداً من الذين قضوا على أيدي إرهابيي داعش». إلى ذلك، أورد المرصد السوري أن ناشطيه علموا «أن جهازاً أمنياً رفيع المستوى» في تنظيم «داعش» نفّذ «عمليات اعتقال طاولت 35 عنصراً وقيادياً أمنياً على الأقل في التنظيم داخل ولاية الرقة، معقل التنظيم في سورية». وتابع: «أن عملية الاعتقال نفذت بأوامر من قيادة التنظيم في الموصل بالعراق، بعد اغتيال القيادي العسكري البارز أبو الهيجاء التونسي الذي أرسله أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم من العراق ليشرف على العمليات العسكرية في ريف حلب الشمالي الشرقي». وكان «أبو الهيجاء» استُهدف ليلة الأربعاء الماضي من قبل طائرة من دون طيار يُعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي، «ما أسفر عن مقتله وتحول جسده إلى أشلاء، بالإضافة لمقتل شخص آخر كان برفقته في السيارة... ولم يُعلم ما إذا كان (هذا الشخص) سائقه أو أنه قيادي آخر في التنظيم»، بحسب ما أورد المرصد الذي أشار إلى نقل أشلاء التونسي ومرافقه إلى أحد مستشفيات مدينة الرقة. وفي جنوب البلاد، تحدث المرصد عن مقتل ثلاثة عناصر من «الفصائل الإسلامية إثر كمين لقوات النظام في محيط بلدة غباغب بريف درعا»، مضيفاً أن «قائداً عسكرياً في لواء أهل السنّة» قُتل متأثراً بجروح أصيب بها جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارة كان يستقلها على الطريق الواصل بين بلدتي زيزون وتل شهاب. وبالتزامن مع ذلك، تجددت الاشتباكات العنيفة بين «لواء شهداء اليرموك» المبايع لتنظيم «داعش» و «حركة المثنى الإسلامية» المساندة له، من جهة، وبين فصائل إسلامية و «جبهة النصرة»، من جهة أخرى، اثر هجوم شنّه الطرف الأخير في ريف درعا الغربي، في محاولة للتقدم في هذه المنطقة التي وسّع مناصرو «داعش» سيطرتهم فيها خلال الأيام الماضية. وفي ريف دمشق، أورد المرصد أن اشتباكات دارت ليلاً بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة وبين جماعتي «رجال الملاحم» و «لواء الصديق» القريبتين من تنظيم «داعش» من جهة أخرى في مدينة الضمير التي كانت قد شهدت بعد ظهر الجمعة تظاهرة «نادت بطرد لواء الصديق ورجال الملاحم من المدينة».