وعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «بالعمل المشترك» مع البلدان الأفريقية حول مسائل حفظ السلام او التصدي للقرصنة والإرهاب، معتبراً ان افريقيا لا تستطيع «وحدها التخلص» من هاتين المشكلتين. وقال ساركوزي في ختام اعمال القمة الفرنسية - الأفريقية الخامسة والعشرين التي شارك فيها في نيس (جنوب شرق) قادة 51 بلداً افريقياً، «سنعمل معاً حول كل هذه المسائل». وأشار إلى ان فرنسا قررت ان تخصص 300 مليون يورو في الفترة بين 2010 و2012، لتدريب 12 الف جندي افريقي لقوات حفظ السلام في افريقيا». وأوضح ساركوزي أمام نظرائه «يتسم الأمر في نظرنا بكثير من الذكاء، لأن كل الأزمات الإقليمية والفرعية تقريباً ستحل في شكل افضل، اذا اخذ الأفارقة على عاتقهم هذه المسائل بدلاً من تركها للآخرين». وأكد ساركوزي ان صداقة فرنسا لا تقتصر على دول افريقيا الفرانكوفونية بل تريد التحدث الى كل افريقيا بما في ذلك الدول التي لا تربطها بها تقاليد نقاش وتقارب. وفي حديثه عن القرصنة قبالة سواحل الصومال التي «تعرض للخطر الشديد» اقتصاد المنطقة، اعتبر ساركوزي ان البلدان المجاورة «لا تستطيع التخلص منها بمفردها». وقال ان «القدرات البحرية لأفريقيا عموماً ولأفريقيا الشرقية خصوصاً تجعل حل المشكلة مقبولاً. وترغب فرنسا في ان تتولى الزعامة كما فعلت في عملية اتالانت لمساعدة افريقيا». وتستهدف عملية «اتالانت» التي يقودها الاتحاد الأوروبي مكافحة القرصنة في المحيط الهندي وشرق افريقيا، بواسطة سفن حربية ووسائل مراقبة جوية. ووعد الرئيس الفرنسي بدعم «مماثل» للبلدان الأفريقية على صعيد مكافحة الإرهاب الذي تقوم به منظمات اسلامية في الشريط الساحلي الصحراوي ومكافحة الاتجار بالمخدرات. واعتبر الرئيس الفرنسي أن مصيري أوروبا وأفريقيا مترابطين وأن فشل افريقيا يعني كارثة لأوروبا، مشيراً الى ان سلام أوروبا واستقرارها، يبنيان على نمو افريقيا. وعبر مجدداً عن تمسكه بتمثيل افريقيا في المؤسسات الدولية، وقال ان 25 بالمئة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة هم افارقة وليس بينهم أي عضو في مجلس الأمن وأن 60 في المئة من مهمات حفظ السلام تتم في افريقيا وتقر من قبل مجلس ليس فيه أي افريقي، ما يجعل من الضروري معالجة هذا الأمر. وذكر أن القمة تناولت كل القضايا الشائكة المتصلة بالأمن والسلام والاستقرار، مشدداً على اهمية الشفافية على صعيد الاتفاقات الدفاعية. العلاقة مع الجزائر وأفادت مصادر ان جدول الأعمال المكثف للقمة حال دون عقد ساركوزي لقاءات ثنائية عديدة، لكنه تسنى له تبادل الحديث مع الكثير من المسؤولين المشاركين في القمة ومن بينهم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. ورأت المصادر انه على رغم التعقيد الذي تتسم به العلاقة الجزائرية الفرنسية، لأسباب عاطفية وتاريخية، فإن هذا لا يلغي رغبة ساركوزي في دفعها الى التقدم. وذكرت ان ساركوزي يتفهم وطأة الماضي الاستعماري بالنسبة الى الرئيس الجزائري كونه عايشه، في حين انه (ساركوزي) لم يعرفه سوى عبر الكتب، وأنه يعتبر ان هذا لا يمكن ان يحول دون دفع الأمور الى الأمام. وبالنسبة الى تمثيل افريقيا في مجلس الأمن قالت المصادر ان ساركوزي مدرك لمدى تمسك الأفارقة باتفاق «انزوليني» وهو لا يريد ان يتخلوا عنه، لكنه يعتبر أن إصلاح مجلس الأمن قد لا يتم قبل سنتين أو 5 سنوات وأنه لا بد لذلك من التقدم عبر تطبيق اصلاح موقت. وأوضحت المصادر ان الفكرة تقضي بأن تكون هناك بضع خطوات على الطريق، وإن هدف القمة ليس عمل الأفارقة على التراجع عن اتفاق 2+2 ولكن لا بد من حضهم على اعادة النقاش في شأنه بين بعضهم. وأبدت المصادر ارتياحها الى طبيعة النقاشات التي أجريت خلال القمة ضمن اجواء صحية وطبيعية ومثيرة للاهتمام البالغ، نظراً الى المواقف المهمة التي دافع عنها المشاركون. ورأت ان القمة أظهرت ان المجال متاح لمفاوضات تعددية حول مواضيع معقدة قد لا تجد حلاً لها عبر جلسة من الحوار، وأن النقاشات اظهرت ان فرنسا تعمل مع شركاء فعليين لديهم أفكار مشتركة وأخرى متباينة خصوصاً حول سبل التوصل الى تحقيق الأهداف.