أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير البيئة محمد المشنوق في المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2016 أن لبنان «بكل فئاته يرفض توطين السوريين، وأن النازحين يجب أن يعودوا إلى ديارهم فور زوال الأسباب التي أبعدتهم عنها، فكفى تلويحاً بشبح التوطين، وتخويف اللبنانيين بهذه الفزاعة. وكفى تحريكاً لغرائز فئة من اللبنانيين، وإغراقها بكوابيس الخلل الديموغرافي، وكفى ادعاء لاحتكار الحرص على لبنان، واتهام الآخرين بالتفريط فيه. وكفى التعاطي مع الأولويات الوطنية، وكأننا في حملة انتخابية لا تنتهي، وكفى مزايدات كلامية تفاقم الأزمة السياسية المستفحلة». وحيا سلام في كلمته «أشقاءنا العرب، الذين ما زالوا يؤمنون بلبنان ومكانته ودوره، بما يتخطى إيمان بعض اللبنانيين»، مؤكداً ان «بيروت لا تكتسب كامل معناها إلا ببعدها العربي». وحيا «قادة دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمهم كبير العرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على كل ما فعلوه من أجل لبنان على مدى السنين. وأقول إن اللبنانيين منكم ولكم، حريصون على الأخوة، حافظون للجميل، باقون على العهد». ولفت إلى أنه «في الأسبوع الماضي، شهد لبنان زيارة استثنائية مشتركة قام بها الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية جرى خلالها توقيع عقود بقيمة 350 مليون دولار مع البنك الإسلامي للتنمية، وأعلن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم تقديم مساعدات فورية بقيمة مئة مليون دولار تذهب إلى قطاع التربية، ووعد بالسعي إلى تقديم قروض طويلة الأجل ومن دون فوائد تصل إلى أربعة أو خمسة بلايين دولار تخصص لمشاريع إنمائية عبر البلديات ووعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمتابعة التعهدات بمساعدة لبنان، التي أطلقت في مؤتمر لندن الأخير». واعتبر أن «بادرة الصداقة تجاه بلدنا تؤشر إلى حرص المجتمع الدولي، على استقرار لبنان، وعلى مساعدته على مواجهة عبء النزوح السوري فيه، علماً أن الأسرة الدولية قصّرت كثيراً في السنوات الماضية». وانتقد سلام أصواتاً انطلقت فور انتهاء الزيارة، «تشكك بنوايا المجتمع الدولي، ناسبة إليه، وإلى بعض اللبنانيين، نوايا مضمرة بتوطين النازحين السوريين في لبنان». ورأى «أن السياسات الخارجية للدول، ترسم وفق معايير المصلحة الوطنية، وليس لأي اعتبار آخر. والمصلحة الوطنية للبنان، الذي يحتاج كل انواع الدعم، تقتضي التعامل بأكبر قدر من الإيجابية مع المؤسسات الدولية، وبأكبر قدر من الاحترام مع المقامات الدولية، مع التنبه الدائم الى عدم التفريط بالمصلحة الوطنية. ولمن المعيب للبنان، أن نطلب المساعدة لتحمّل عبء النازحين، وعندما تأتي ننتقد حاملها ونشكك في نواياه ونتهمه بالتآمر علينا. ومن المعيب أيضاً، أن ندعو في كل المحافل الدولية إلى تقديم الدعم للدولة اللبنانية وللمجتمعات المضيفة للنازحين، ثم نعلن أن هذا الدعم يرمي إلى توطين السوريين على أرضنا. إن أداء من هذا النوع يلحق ضرراً بالغاً بلبنان وبمصالحه وموقعه وعلاقاته، ويهزّ صورته وصدقيته. وأدعو الجميع، في موقع المسؤولية أو خارجه، إلى عدم التسبب بالإساءة إلى لبنان، مهما كانت الاعتبارات». وأضاف سلام في كلمته أن «بعد أقل من شهرين يدخل الشغور الرئاسي سنة ثالثة من مسار العبث السياسي. وبلغ الضعف في بنيان الدولة حداً خطيراً ينبئ بالانهيار إذا بقي المجلس النيابي معطلاً ومجلس الوزراء حبيس العرقلة المفتعلة، وقبل كل شيء إذا بقيت متاريس الحسابات الخاصة، تقطع الطريق أمام تنفيذ الاستحقاق الأهم في حياتنا السياسية، أي انتخاب رئيس للجمهورية». وأشار إلى «فضيحة النفايات المشينة، خير نموذج لما يمكن أن يؤدي إليه نهج الاستقواء على الدولة، وتعاظم المصالح الفئوية والمناطقية والمذهبية والطائفية، واستضعاف المؤسسات وضرب هيبتها. وآن الأوان لوقفة ضمير لإنقاذ البلاد». ونوه ب «قطاعنا المصرفي الذي كان ولا يزال واحداً من الحصون الصامدة في بنياننا الوطني».